إجمال القول إن القرآن الكريم أدق وثيقة سماوية بين يدي المجتمع البشرى. وبالتالي فهو أصدق مصدر للتاريخ ومن هنا ففي وسع المؤرخين على مر العصور أن ينهلوا من معينه الثر الذي لا ينضب. كيف لا وهذا الكتاب الحكيم الذي لا تحصى عجائبه قد حوى بين دفتيه عيون أخبار الأمم السالفة. وفي هذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: "ستكون فتن قيل وما المخرج منها؟ قال كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم " [63] .
وإذا كانت إشارات القرآن إلى الأمم السالفة بحاجة إلى مزيد من الشرح والتفصيل، فإن الكشوف الأثرية مازالت تتمخض من حين إلى آخر عن بعض الحقائق التي من شأنها أن تلقى أضواء ساطعة على ما ورد في القرآن الكريم. وغني عن البيان أن أعمال المنقبين عن آثار الماضي ذات أهمية كبرى ليس في كشف النقاب عن التاريخ القديم فحسب، بل لأنها تعيننا أيضا على فهم معاني القرآن. وحقيقة الأمر أن علم الآثار وأعمال الحفريات، وإن حققت بعض الإنجازات في هذا الحقل، إلا أنها لازالت تقصر عن عرض أخبار الماضين بصورة متكاملة. على أن الأمل كبير في أن يتقدم العلم وتتطور وسائل التكنولوجيا الحديثة فتكشف من الحقائق ما يوضح للباحثين معاني الآيات البينات وما تضمنت من إشارات وقصص، فتخرس ألسنة المرجفين والحاقدين على الإسلام والمسلمين والطاعنين في كتاب الله المبين. وتعين فوق ذلك على إجلاء صورة الماضي فنكون على بينة من تاريخ العالم القديم. وعلى الله قصد السبيل.
ثبت المراجع
(1) أبو الأعلى المودودي: تفهيم القرآن، "الجزء الأول ". تعريب أحمد يونس (دار القلم. الكويت 1398 هـ 1978 م) .
(2) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، "الجزء الثالث ". (بيروت 1385 هـ-1966م) .
(3) ابن هشام: سيرة ابن هشام، "الجزء الأول ". (القاهرة 383 1 هـ- 1963م) .