ولقد واصل الإصلاح بتفكيره المنطلق، وعقله الواعي، وإيمانه الأكيد، وآماله العريضة، لجلب كل مَا يدخل السعادة على هذه الأمة التي قاست مئات السنين، فكانت ريادته للنهضة الاجتماعية والعمرانية والاقتصادية والثقافية.

كان- رحمه الله- في أول الأمر يفكر من أين يبدأ؟ وما الطريق الذي يسلكه؟ ومن أين له بالمال الكثير الذي به يبني وعليه يقيم ما يرجو ويتمنى.

لقد أدى ما وجب عليه تجاه الله سبحانه وتعالى، وأن الله لن ينساه أبدا، فقد كان دائم التوكل عليه، وسيظل مادام فيه عرق ينبض، وأنه مازال يذكر فضله ونعمته عليه، ولا ينسى حينما كان في مكة، وهو مخيم في محلة "الشهداء"وقد فقد ما ادخر من مؤن وأقوات، ولاح شبح الجوع أو كاد، وأحس من معه بما عليه الحال، فضاقت صدور الرجال، حين قلّ المال، أما عبد العزيز فكان مطمئنا إلى أن الله لن ينساه، وسيرزقه من حيث لا يعرف ولا يفكر، فكان حينما يسأل عن هذا، يقول:

"المؤن متوفرة في نجد، غير أن الجمال مشيها وئيد ... من شاء الرحيل فليرحل أما أنا فمقيم. والفرج من عند الله".

لقد كانت ثقته بالله عظيمة، وتوكله عليه أقوى وأشد، فلم يأت المساء، حتى وصلت قافلة يتقدمها إسماعيل بن مبيريك أمير رابغ. وكان الشريف حسين قد قتل أخا له، فلما علم بما صارت إليه الأمور في مكة، وإقامة عبد العزيز بها، جاءه بفروض الطاعة، ومعه عشرون جملا تحمل التمر والسمن والبرّ وكان هذا رزقاً ساقه الله إليه [20] .

إن الله لا ينسى عباده المخلصين، وقد كان عبد العزيز من أخلص الخلق لله تعالى، فهو يتوكل عليه حق توكله، ولابد أن الله سيرزقه من حيث لا يعلم، وسوف تفتح له أبواب من الرزق ليس عليها بواب.

وقد كان، فقد فتحت له كنوز الأرض، على حين كان يشغله أمر البلاد والعباد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015