ورأى الملك عبد العزيز- رحمه الله- أن عامل الحالة الاجتماعية يساعد كثيرا على الاستقرار ويقوي الناحية الدينية، ويسد الطريق على من تحدثه نفسه بأن يسلك طريقا غير مشروع لجلب الرزق، فأراد أن ينتقل بالبدو من حياة البادية المتنقلة، إلى حياة الهِجَر، ليتركوا حياة السفر والتنقل من مكان إلى آخر قد يجدون فيه ما يسد رمقهم، وقد لا يجدون، فيميلون إلى السطو والنهب أراد أن ينتقل بهم إلى حياة السكون والاستقرار، وليتركوا حياة الرعي إلى حياة الزراعة والرعي. وأنشئت الهجرة الأولى على آبار الأرطاوية على طريق بين الزلفي والكويت عام 1330 هـ، وأصبحت خلال بضع سنوات مدنا فيها من السكان ما يزيد على العشرين ألفاً، ثم تلي الأرطاوية حركة عامة بين البدو لترك حياتهم البدوية والسكنى في قرى جديدة، كانوا ينشئونها بمعونة من بيت مال المسلمين، تحفر البئر ويبنى المسجد الذي هو مجتمع القرية ومدرستها، وكانت السرعة هي الرائد في كل ما يقومون به من أعمال.
وهكذا فقد أصبحت المساجد غاصة بأهلها ممن تركوا الخرافات والبدع وعادات الجاهلية، وواظبوا على الصلاة في أوقاتها، وتواصوا بالأخلاق الإسلامية الصحيحة التي تحث على الفضيلة والإيمان.
وأصبحت الزراعة هي موردهم الذي منه يأكلون ويتاجرون ويربحون، فتكونت عندهم الثروات والمال الكثير، وفي نفس الوقت فقد انتشرت المعسكرات، ليكوّنوا من الشباب أمة مسلمة تدافع عن مبادئها، وترد كيد كل من يحاول أن ينال من دولتهم الفتية بقيادة قائدهم الأعظم عبد العزيز آل سعود، وهم على استعداد للقتال معه في أي وقت.