النكاح الصحيح هو المستكمل لأركانه وشروطه من الإيجاب والقبول والشاهدين والولي والمهر وخلو الزوجين من الموانع فإذا وجد النكاح على هذه الصورة وحصلت الفرقة بين الزوجين بالموت وذلك بأن توفي الزوج قبل الزوجة وجب الحداد على الزوجة العاقلة البالغة المسلمة من غير خلاف أعلمه عند أئمة الفتوى اللهم إلا ما نقل عن الحسن البصري والشعبي من القول بعدم وجوب الحداد كما تمّ ثبته قريبا.

ولهذا أجمع الفقهاء على عدم وجوب الحداد على المرأة المنكوحة بنكاح فاسد أو نكاح شبهة.

أما المنكوحة بنكاح فاسد فلأنها ليست زوجة حقيقية والنبي صلى الله عليه وسلم إنما أوجب الحداد على الزوجات وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً" فقوله صلى الله عليه وسلم "إلا على زوج" يفيد بمنطوقه وجوب الحداد على الزوجة كما يفيد بمفهومه عدم وجوب الحداد على غيرها, زد على هذا أن المنكوحة بنكاح فاسد لا تحزن على فقد الزوج لأنها لا يجب لها ما يجب للزوجة من الحقوق

فليس ثمة سبب يدعو إلى حدادها. وأما المنكوحة بشبهة فكذلك لما بينا؛ ولأنها -أي المنكوحة بنكاح فاسد أو شبهة- ما فاتها نعمة النكاح والأصل هو الإباحة في الزينة لاسيما في النساء: [52] يحققه قوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} . (الأعراف:31) .

فهذا دليل على إباحة الزينة مطلقا بما فيها زينة المرأة المعتدّة بنكاح فاسد أو شبهة وتحريم ذلك عليهما يحتاج إلى دليل ولا دليل. ثم إن النكاح الفاسد ووطأ الشبهة كل منهما معصية في الدين فيلزم الشكر على فواته لا التأسف عليه [53] .

الفصل الرابع: أقسام الإحداد:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015