2 ـ وذهب أبو حنيفة وأصحابه وأحمد في إحدى الروايتين والشافعي في القديم وبعض المالكية وأبو ثور وأبو عبيد إلى وجوب الحداد على المبتوتة [42] .
الاستدلال لهذا الرأي:
استدل أصحاب هذا الرأي بالمنقول والنظر.
أما المنقول فقد استدلوا منه بما يأتي:
1ـ ما روي أنّ النبي صلى الله عليه وسلم: "نهى المعتدّة أن تختضب بالحنّاء, وقال: الحناء طيب" [43] .
فأنت ترى أنه لم يفرّق بين معتدة الوفاة وغيرها فدل هذا على وجوب الحداد على المعتدة مطلقا كما يفيده عموم الحديث.
ويجاب عن هذا الاستدلال بأمرين:
أـ أنه ضعيف لا تقوم به حجة؛ لأنه لم يذكر في كتب السنة المعتبرة ولو كان صحيحا لذكروه, والحديث الضعيف لا يحتج به في الأحكام.
ب ـ لو سلّمنا بصحته لم نسلّم بعمومه في كل المعتدات, فالرجعية لا يجب عليها الحداد اتفاقاً, فعلى هذا يكون محمولا على المعتدّة من الوفاة, وتخرج البائن من هذا العموم كما خرجت الرجعية [44] .
2ـ روى الطحاوي في شرح الآثار بإسناده إلى حماد عن إبراهيم قال: "المطلقة والمختلعة والمتوفى عنها زوجها والملاعنة لا يختضبن ولا يتطيبن ولا يلبسن ثوباً مصبوغاً ولا يخرجن من بيوتهن". وإبراهيم أدرك عصر الصحابة وزاحمهم في الفتوى فيجوز تقليده [45] .
ويجاب عن هذا الاستدلال: بأنه قول تابعي, وقول التابعي ليس بحجة, فإنه إذا وقع الاختلاف بين الفقهاء في الاحتجاج بقول الصحابي فعدم الاحتجاج بقول التابعي أولى, زد على هذا أنه معارض لقول من قدّمنا من الصحابة.