ج ـ أن العدة لا تجب على الذمية إلا إذا كان زوجها مسلماً أما إذا كان زوجها ذميا فإن الحداد لا يجب عليها, وأهل الذمة مطالبون بتنفيذ عقودهم مع المسلمين وهذا منها. قال ابن القيم في الهدي مشيراً إلى ما قلنا: "ولكن عذر الذين أوجبوا الحداد على الذمية أنه يتعلق به حق الزوج المسلم وكان منه إلزامها به كأصل العدة ولهذا لا يلزمونها به في عدتها من الذمي ولا يتعرض لها فيها فصار هذا كعقودهم مع المسلمين فإنهم يلزمون فيها بأحكام الإسلام وإن لم يتعرض لعقودهم مع بعضهم بعضا" [32] . وذهب الحنفية وبعض المالكية وأبو ثور إلى عدم وجوب الحداد على الذمية سواء كان زوجها مسلماً أو ذمياً [33] .
وقد استدل أصحاب هذا القول بما يأتي:
1 ـ إنَّ الكتابية غير مخاطبة بحقوق الشرع والحداد من حقوقه يوضحه قوله عليه الصلاة والسلام: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر.." الخ.
فالإيمان شرط لوجوب الحداد وهو لا يوجد في الكتابية لكونه حقاً من حقوق الشرع, والذمية ليست أهلا لذلك يوضحه أن المسلمة لو أمرت بترك الحداد لم يكن لها ذلك فدل على أنه تكليفي, والأحكام التكليفية خاصة بالمسلمين قال ابن القيم في الهدي مستدلا لهذا القول بأن النّبي صلى الله عليه وسلم "جعل الإحداد من أحكام من يؤمن بالله واليوم الآخر فلا تدخل فيه الكافرة ولأنها غير مكلفة بأحكاَم الفروع فعدوله عن اللفظ العام المطلق إلى الخاص المقيد بالإيمان يقتضي أن هذا من أحكام الإيمان ولوازمه وواجباته فكأنه قال: من التزم الإيمان فهذا من شرائعه وواجباته" [34] .