4 ـ العمومات التي استدل بها أصحاب القول الأول من مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ على ميّت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشر", لم تفرق بين ما إذا كانت الزوجة كبيرة أو صغيرة بل هي شاملة بعمومها لكل أحد, فقوله: (لامرأة) نكرة تفيد العموم, وقد أكد هذا العموم بذكره النكرة بعد النفي وهذا زيادة في العموم كما تفيده قواعد الأصول, وسيأتي تحرير المقام في قوله صلى الله عليه ويلم (أن تؤمن) عند الكلام على حكم الحداد من الكتابية. ولا حجة في قوله صلى الله عليه وسلم (امرأة) للقائلين بعدم وجوب الحداد على الصغيرة وذلك لأمرين:

الأمر الأول: أن الصغيرة تسمى امرأة فلها من الحقوق كالكبيرة, وعليها ما عليها, صحيح أنها لا تبتغى لطلب الولد لصغرها لكونها لا يوطأ مثلها بيد أن اللفظ شامل لها.

الأمر الثاني: لو سلمنا أنها لا تسمى امرأة فلا دلالة فيه للمخالفين لأننا نقول إنه خرج مخرج الغالب فإن الغالب الكثير أن المرأة لا يفارقها زوجها إلا وهي كبيرة وليس معناه أن الحداد لا يجب على الصغيرة.

المبحث الثالث: كون الحادة مسلمة:

اتفق الفقهاء فيما علمنا على أن الحداد يجب على المرأة الكبيرة العاقلة البالغة المسلمة على ما بيّنا, واختلف الفقهاء في سوالب ذلك, ومنه اختلافهم في وجوب الحداد على الكتابية, وتجدر الإشارة هنا إلى أن أئمة الفتوى لم يختلفوا في إباحة الحداد لكل من ذكرنا ومن سنذكر قريبا, وإنما الخلاف في الوجوب أو السنية.

وبيان اختلافهم في وجوب الحداد على الكتابية كالآتي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015