1 ـ أن الحداد حق من حقوق الشرع ولهذا لو أمرها الزوج بتركه لا يجوز لها تركه فلا تخاطب الصغيرة بذلك، وكذا شرط الإيمان فيه حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله وباليوم الآخر" الحديث.
2 ـ إنّ منع الصغيرة المتوفى عنها زوجها من اللبس والطيب هو فعلها الحسّي محكوم بحرمته فلابد فيه من خطاب التكليف بخلاف العدة وإنها قد تقال على كف النفس عن الحرمات الخاصة وعلى نفس الحرمات وعلى مضي المدة وهي اللازمة لها على كل حال بمعنى أنه يثبت بعد الموت صحة نكاح الصغيرة إلى انقضاء مدة معينة وهي مدة العدة فإذا باشروا لها عقد النكاح قبل انقضاء عدتها لا يصح شرعا ولا خطاب للعباد فيه تكليفي بل هو من ربط المسببات بالأسباب وهذا كله لا يوجد في الحداد لأن الخطاب به خطاب تكليفي فلو اكتحلن أو لبسن المزعفر واختضبن لا يأثمن لعدم التكليف به [25] .
هذا ما استدل به الفريقان بالنسبة لهذه المسألة وهي مشكلة كما نرى ووجه الإشكال هو أن الصغيرة لا تخاطب بفروع الشريعة من الصوم والصلاة والحج لأنها فاقدة للأهلية وهي التكليف فالخطاب إنما يتوجه إلى المكلفين, وعموم السنة التي استدل بها الفقهاء على وجوب الحداد قاضية بوجوب الحداد على كل امرأة من غير فرق بين الصغيرة والكبيرة, زد على هذا أن العدة واجبة من غير فرق أيضا, وقد قلبت النظر في هذه المسألة كثيراً لعلي أهتدي إلى الراجح منهما وبعد نظر طويل وتفكير عميق شرح الله صدري بترجيح القول الأول وهو وجوب الحداد عليها وذلك لما يأتي: