والحيازة هي وضع اليد على الشيء والاستيلاء عليه [54] . ولا فرق بين الحيازة ووضع اليد عند فقهاء الشريعة إذ المقصود هو الاستيلاء على الشيء بصورة مختلفة, فإذا وضع شخص يده على دار أو أرض تصير تلك الدار أو الأرض في حيازته، وترتب على ذلك حماية تلك الحيازة واحترامها، وعُدَّ ذلك المال المحاز من أملاكه وذلك بناء على أمرين هامين:
الأول: القاعدة الفقهية التي تقضى بأن "الأصل في الإنسان البراءة"وأنّ الناس محمولون على السلامة، فما لم يثبت أن الشخص مقيَّد أو غاصب فالأصل أنه بريء.
الثاني: ما جرت عليه العادة وما عرف من غالب أحوال الناس أنهم يتصرفون في أملاكهم، فإذا حاز الإنسان شيئا وتصرف فيه، فالغالب أنه يتصرف في ملكه ما لم يقم دليل على عكس ذلك.
وبناء على ذلك فإنّ أقلّ أحوال ثبوت هذه اليد عند الفقهاء أنها تفيد الملك كما يدل عليه ظاهر الحيازة، وعليه فإنه يجب حماية هذه الحيازة وذلك بعدم انتقال الملكية من الحائز إلا بناقل أرجح من هذه القرينة الظاهرة، أي قرينة الحيازة، والناقل الأرجح عند الدعوى هو إما الإقرار أو البيّنة أو قرائن أخرى تكون دلالتها أقوى من دلالة الحيازة وأظهر في حجيتها من دلالة الظاهر.
هذا المعنى في الحيازة متفق عليه بين الفقهاء. ومن أهم مميزات هذه القرينة أنها وضعت حلاً للمشكلات التي تبدو في سبيل تمييز المدّعي من المدّعى عليه، مستفيدين بذلك من دلالة الظاهر التي تفيد أنّ الحائز يتصرّف في ملكه، وعلى مدّعي الملكية في مواجهة الحائز إثبات دعواه [55] .
ب ـ قرينة الاستعمال وقرينة الصلاحية: