وقيل: إنه لا تعارض بين كونه صبيا تكلم في المهد وبين الأمارة المنصوبة، فقد يتكلم الصبي, ومع ذلك ينبههم إلى الدليل الذي غفلوا عنه وهي أمارة القميص [37]
وهناك اعتراض ثالث هو أن هذه الآية تبيِّن شرع السابقين وشرع من قبلنا لا يلزمنا.
وقد أجيب على هذا الاعتراض بالأدلة التي يحتج بها مثبتو العمل بشرع من قبلنا إذا لم يرد دليل على نسخه عنا.
ثانيا: السنة الشريفة وعمل الصحابة رضوان الله عليهم:
كذلك احتجّ القائلون بالقرينة في الأحكام بآثار كثيرة وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، ومن هذه الآثار:
(1) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "بينما امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت لصاحبتها: "إنما ذهب بابنك ", وقالت الأخرى: "إنما ذهب بابنك", فتحاكمتا إلى داود عليه السلام فقضى به للكبرى فخرجتا على سليمان ابن داود عليهما السلام فأخبرتاه فقال: ائتوني بالسكين أشقّه بينكما", فقالت الصغرى: "لا تفعل يرحمك الله هو ابنها ", فقضى به للصغرى" [38] .
فاستدل بقرينة رضا الكبرى أن يشقّه نصفين وعدم شفقتها عليه أنه ليس ابنها، بينما أشفقت الصغرى وامتنعت عن الدعوى حتى لا يذهب الطفل, فهذا يدل على أنه ابنها إذ أن الله أودع في قلوب الأمهات الشفقة على أبنائهن.
(1) ما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: "أردت السفر إلى خيبر، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جئت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقاً فإذا طلب منك آية فضع يدك على ترقوته" [39] .
فأقام العلامة مقام الشهادة.
(3) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنكح الأيّم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن"، قالوا: "يا رسول الله وكيف إذنها؟ "قال: "إذنها صماتها". أو قال: "أن تسكت" [40] .