مثال ذلك: أن يرى شخص الله عليه وسلم يحمل سكينا ملطخة بالدماء وهو خارج من خربة خائفا يرتجف، فيدخل شخص أو أشخاص الخربة على الفور فيجدون آخر مذبوحا لتوه مضرجا بدمائه وليس في الخربة غيره. فالواقعة المراد إثباتها هي شخصية القاتل والعلامات التي تدل عليها هي خروج ذلك الرجل وبتلك الهيئة التي تحمل على الاعتقاد أنه القاتل، وذلك عند عدم اعترافه أو قيام البيّنة على القاتل. فالاعتراف والبينة دليلان يتناولان الواقعة المجهولة مباشرة، أما العلامات فإنها تدل عليها دلالة أي يؤخذ منه بالدلالة والاستنتاج حكم الواقعة المجهولة.
الفرق بين القرينة والفراسة:
بناء على ما قدمنا من تعريف للقرينة، وبناء على ما قدمنا من قول في الفراسة فيمكن تلخيص الفرق بين القرينة والفراسة في النقاط التالية:
أولا: أن القرينة علامة ظاهرة مشاهدة بالعيان، كمن يرى رجلا مكشوف الرأس وليس ذلك من عادته يعدو وراء آخر هارباً وبيد الهارب عمامة وعلى رأسه عمامة، فهذه قرينة مشاهدة بالعين الحسية ودلالتها كما يقول العلماء واضحة على أن العمامة للرجل مكشوف الرأس، ولا يقال عمن يرى هذه العلامة ويستنتج هذا الحكم إنه متفرس.
ثانيا: أن رؤية القرينة لا تتطلب مواصفات معينة في الرائي، كصدق الإيمان وصفاء الفكر وحّدة الذكاء، وذلك لأن خطوات الاستنتاج فيها ظاهرة واضحة، حتى أن الدقيق منها كتلك التي تقوم على التجارب العلمية لها أسسها وضوابطها وقانونها الذي يسهل الاطلاع عليه ومعرفته، أما الفراسة فهي تتطلب مواصفات معينة في المتفرّس، صدق إيمان أو حّدة ذكاء وصفاء فكر، وذلك لأن خطوات الاستنتاج فيها مستترة خفية.