أكان مما عليه النبي- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وسلف الأمة: تقديم العقل على النقل أو نفى الصفات ما عدا المعنوية والمعاني، أو الاستدلال بدليل الحدوث والقدم، أو الكلام عن الجوهر والعرض والجسم والحال ... أو نظرية الكسب، أو أن الإيمان هو مجرد التصديق القلبي، أو القول بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته، أو الكلام النفسي الذي لا صيغة له، أو نفي قدرة العبد وتأثير المخلوقات، أو إنكار الحكمة والتعليل ... إلى آخر ما في عقيدتكم؟

إننا نربأ بكل مسلم أن يظن ذلك أو يقوله.

بل نحن نزيدكم إيضاحا فنقول:

إن هذه العقائد التي أدخلتموها في الإسلام وجعلتموها عقيدة الفرقة الناجية بزعمكم, هي ما كان عليه فلاسفة اليونان ومشركو الصابئة وزنادقة أهل الكتاب.

لكن ورثها عنهم الجهم بن صفوان وبشر المريسي وابن كلاب, وأنتم ورثتموها عن هؤلاء، فهي من تركة الفلاسفة والابتداع وليست من ميراث النبوة والكتاب.

ومن أوضح الأدلة على ذلك أننا ما نزال حتى اليوم نرد عليكم بما ألّفه أئمة السنة الأولون من كتب في الردود على "الجهمية"كتبوها قبل ظهور مذهبكم بزمان، ومنهم الإمام أحمد والبخاري وأبو داود والدارمي وابن أبي حاتم…

فدل هذا على أن سلفكم أولئك الثلاثة وأشباههم مع ما زدتم عليهم وركبتم من كلامهم من بدع جديدة.

على أن المراء حول الفرقة الناجية ليس جديدا من الأشاعرة فقد عقدوا لشيخ الإسلام ابن تيمية محاكمة كبرى بسبب تأليفه "العقيدة الواسطية"وكان من أهم التهم الموجهة إليه أنه قال في أولها: "فهذا اعتقاد الفرقة الناجية ... ".

إذ وجدوا هذا مخالفا لما تقرر لديهم من الفرقة الناجية هي الأشاعرة والماتريدية

وكان من جواب شيخ الإسلام لهم أنه أحضر أكثر من خمسين كتابا من كتب المذاهب الأربعة وأهل الحديث والصوفية والمتكلمين كلها توافق ما في الواسطية وبعضها ينقل إجماع السلف على مضمون تلك العقيدة.

وتحدّاهم- رحمه الله- قائلا:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015