وأولى هذه الصفات هي وجل القلب عند ذكر الله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} , والوجل: رقة القلب، واضطراب النفس للوارد القوي الذي تضعف معه, ويكون بالشوق والحب، كما يكون بالخوف والرهبة، ويعقبه عادة طمأنينة القلب كالأثر لازم له، يشهد لهذا مثل قوله تعالى: {اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ..} , وقوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} . ومن مظاهر الوجل القوية أن تفيض روح العبد عند ذكر الله تعالى بأسمائه أو صفاته، أو وعيده رهبة وخوفا أو حبا وشوقا، الذين فارقوا هذه الحياة بهذا الوارد القوي خلق قد لا يحصون كثرة. ودون هذا المظهر قشعريرة الجلد، وذرف الدمع، وهدوء النفس وسكون القلب، وأدنى مظاهر وجل القلب عند ذكر الرب: أن يقال للعبد: اتق الله في واجب تركه أو مكروه ارتكبه، فيقع في الحال فيأتي الواجب الذي تركه، أو يترك الحرام الذي ارتكبه. وليس وراء هذا مطمع في وجود الإيمان.