فما أدبي: أَشَدْوٌ أم رنين؟
تتجلى تلك الديباجة العالية وتلك الجزالة السامية التي يقدرها فيه أدباؤنا ولن أكون إلا محقا حين أقول أنه كان يمتاز على حافظ إبراهيم في الرنين العذب الذي صحب شعره الناضج ولازمه، إلا أن مرض الشرق الذي يظمئ الفنان الموهوب، والالتفات الدائم إلى صوتٍ أو صوتين دون أن يلتفت إلى بقية الأوتار الجميلة التي تؤلف أنشودة الخلود حالا دون التقدير الكافي لشاعرية أحمد محرم" [7] .
ولعل الشاعر الناقد حسن كامل الصيرفي يثير في قوله السابق إلى بعض الآراء الأخرى التي تغمط الشاعر أحمد محرم حقه ولا تقدره قدره ولا تنظر إلى شعره عامة أو إلى شعره في ديوانه (مجد الإسلام) خاصة نظرة عدل وإنصاف.
ولقد كان الدكتور شوقي ضيف من الذين لا يرون في ديوان مجد الإسلام للشاعر أحمد محرم ما يستحق أن يقدّر له من حيث الشاعرية ... وكان أن عرض نماذج لبعض أشعاره ثم عقب عليها في النهأية بقوله [8] : "وأكبر الظن أنه وقد اتضح لنا الآن صوت (محرم) في هذه الإلياذة بكل سماته وخصائصه، فهولا يكتب ملحمة كالملحمة التي كتب فيها (هوميروس) إليَاذته، إنما يكتب أو قل ينظم سيرة الرسول، وفرق بين نظم السير والشعر القصصي، ذلك لأن الأول عمل آلي، فالشاعر يقرأ التاريخ ثم يحوله شعراً، أو قل: يحوله نظماً، وهو لذلك لا يعالج حربا ولا ملحمةً يعيشها وإنما يعالج سيرةً مطولة فيها الحرب وفيها غير الحرب.