الشاعر الإسلامي
أحمد محرم في رأي النقاد (2)
للدكتور صلاح الدين محمد عبد التواب
أستاذ مساعد بكلية اللغة العربية – جامعة الأزهر
لم يكن ديوان (مجد الإسلام) للشاعر أحمد محرم هو كل ما صدر عن ذلك الشاعر الذي أجله معاصروه فقد كان له بجانب ذلك ديوان كبير في جزأين (صدر الجزء الثاني منه في سنة 1920م، وهو في شعره يصدر عن نزعة إنسانية محبة للحق وللخير وللتآلف، وقد أذكى من هذه النزعة في نفسه ما استقاه من دينه الإسلامي دين الفطرة الخالصة.. فهو في كل ما يعبر عنه إنما يصدر عن تلك النزعة التي كانت تثب لتعلن عن نفسها دائمًا في شعره، من مثل قوله في حائيته المشهورة التي يحث فيها على نبذ التناحر والشقاق والعودة إلى حياة الحب والإِخاء:
فيمَ التَّناحر والخلائق أخوة
والعيش حق للجميع مباح؟
والدهر سمح والحياة خصيبة
والرزق جمٌّ والبلاد فساح
أنظل في الدنيا يفرق بيننا
بُغضٌ ويجمعنا وغى وكفاح؟
ما بالنا نشقى لتنعم عصبة
ملكت، فلا رفق ولا إسجاح؟
ومن مثل قوله في الدعوة إلى الإتحاد وضم الصفوف [1] :
ليس الشقاء بزائل عن أمة
حتى يزول تفرق وتحزب
من لي بشعب في الكنانة لا القوى
تنشق منه ولا الهوى يتشعب
متألب ببغى الحياة كأنه
جيش على أعدائه يتألب
ثم ها هو ذا يؤكد أنه لا عز ولا قوة ولا استقرار إلا في التمسك بالدين وقيمه والعمل بمبادئه فيقول [2] :
هل الدين إلا معقل نحتمي به
إذا دلف العادي إلينا فأسرعا
هو الدين إن يذهبْ فلا عز بعده
وإن جَدَّ ساعدينا على إثر من سعى
ولا دين حتى ينزعوا عن ضلالهم
ويصبح منهم موطن الغي بلقعا
وحتى يصونوا للكتاب زمامه
وحتى يكونوا ساجدين وركعا
هنالك يقوى منهم ما تضعضعا
ويثبت من بنيانهم ما تزعزعا