تتضمن هذه الآية الكريمة أن ما تعطَونه أيها الناس من أشياء حسنة طيبة تفرحون بها وتستمتعون، وأشياء جميلة تتخذونها زينة لكم تتباهون بها وتفخرون، أمدها قليل لا يطول ولا يعمر وسرعان ما تولي وتدبر.

أما ما عند الله من الثواب الذي أعده لعباده المؤمنين فهو الدائم الباقي لا يفنى ولا يندثر.

وقوله تعالى في ختام هذه الآية {أَفَلا تَعْقِلُونَ} استفهام إنكار وتوبيخ:

ينكر عليهم ويوبخهم أن لم يعقلوا ويدركوا أن نعيم الآخرة الذي لا انقضاء له ولا فوت، ولا فناء معه ولا موت، خير لهم من طيبات هذه الحياة الدنيا وزينتها، تلك التي لا تدوم لهم ولا يدومون لها، فأين العقول السليمة التي تحسن الاختيار، فتؤثر نعيم دار القرار على نعيم دار الزوال.

الآية الثالثة عشرة في قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيّاً وَلا يَرْجِعُونَ وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ} . الآيات (66- 68) من سورة ياسين. تتضمن هذه الآيات الكريمة الثلاث أن الله سبحانه وتعالى لو يشاء أن يعمي الكافرين جزاء كفرهم لأعماهم فما استطاعوا أن يبصروا الطريق الذي يريدون ولا الجهة التي يسلكون.

ولو يشاء أن يقعدهم في مساكنهم وأن يفقدهم قواهم في منازلهم جزاء كفرهم لفعل، فما استطاعوا ذهابا إلى أمام ولا رجوعاً إلى خلف، ولكنه سبحانه وتعالى لم يشأ أن يطمس على أعينهم ولا أن يمسخهم على مكانتهم رحمة منه تعالى بهم وإمهالا لهم.

وتتضمن أيضا أن كل من يطيل الله عمره ينكسه في الخلق فيرده بعد أن بلغ أشده إلى حال شبيهة بحال الطفولة في ضعف البنية وقلة التمييز والإدراك فلا يعلم من بعد علم شيئا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015