قال:
"لا ... لن يقول الناس: ثار عبد العزيز على دولة تتسمى بدولة الخلافة في عهد محنتها" [15] .
وذلك – لعمري - أروع ما أعطى الله من جمال التخلق بخلق الدين الحنيف.
إن الملك عبد العزيز -رحمه الله- أول من رسم السياسة الواضحة الخالية من المداهنة والمراوغة، وإلْبَاس الباطل ملابس الحق، والقول (لا) حينما يجب أن يقول (نعم) والقول (نعم) حينما يجب أن يقول (لا) .
كلا لم يحدث منه ذلك أبدا، بل كان صادقا في أحلك الأيام التي لو داهن أو راوغ لقضى على كثير من المشاكل، لكنه لم ينحرف أو يترك جانب الصدق الواضح والخالي من كل ما يشوبه.
كان يكره المراءاة والكذب والخداع، فإذا ابتلي بمن يتحلون بهذه الصفات ظل بهم حتى يجبروا على أن يظهروا ما أخفوه، وُيعْرَفوا على حقيقتهم، ولذلك فإن المولى سبحانه وتعالى كان دائما ناصره ومؤيده عليهم.
وهذا ما أجبر كل من اتصل به من الحكام والملوك على احترامه وتقديره، ولقد كان له قدرة عجيبة في عمق تفهمه للأمور، ودقة إجابته عما يُسْأَل، وإقناع من أمامه بوجهة نظره، حتى يضطره إلى التسليم له بما يريد.
ولقد شهد له كل من رأوه وجالسوه، من أهل الخبرة والمعرفة، سواء أكانوا من العرب الأذكياء، أم من غيرهم ممن لهم دراية بأخلاق الرجال.
قال الدكتور فون وايزل الكاتب النمساوي، وقد خبر الملك عبد العزيز وجالسه فكتب الكثير عنه، ومما قاله:
"حسبي أن أقول إني معجب به، فقد خيّل إليّ وأنا أحادثه أني أمام بسمرك منشئ الوحدة الألمانية. ولا أظنكم تخالون أني أبالغ في القول".