ومن فرص الخير الطيبة شهر رمضان، فيه الصيام، وفيه القيام، وفيه الجود، وفيه الإحسان، وفيه قراءة القرآن العظيم، وفيه ليلة القدر خير من ألف شهر، وفيه يُعطى المرء الأجرَ الجزيلَ بالعمل القليل، وفيه تُفتح أبواب الجنة، وتُغلق أبواب النار، وتسلسل الشياطين، وُينادى العبادُ كل ليلة ليكثروا من الخير، وليمسكوا عن الشر. فعن عرفجة قال: "عدنا عتبة بن فرقد، فتذاكرنا شهر رمضان، فقال: ما تذكرون؟ قلنا: شهر رمضان". قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تُفتح أبوابُ الجنةِ، وتُغلقُ فيه أبوابُ النِار، وتُغلُّ فيه الشياطينُ، وينادِى منادٍ كلَّ ليلة: ياباغىَ الخير هَلمَّ وياباغىَ الشرِّ أقْصِرْ"رواه أحمد وابن ماجه.
بَيْدَ أن عباد الله جميعا لا يغتنمون ما رصد الله من فرص الخير. فكل الناس يغدو، فمنهم بائعٌ نفسه فمعتِقُها، وذلك هو من باع نفسه لله، فيعدُّ له جنات النعيم، ومنهم بائعٌ نفسه فموبِقُها، وذلك هو من باع نفسه للشيطان، الذي يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير.
فإلى أي الجانبين يتجه المؤمن؟ وإلى أي المصيرين يتمنى أن يكون؟ 0
{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى، وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} ] الليل [.
{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} ] الشمس [.
وإن من سُبُل ذلك أن يحسن المؤمن محاسبة نفسه في ختام كل يوم، فإن وجد خيراً فليحمد لله وليسأله المزيد، وإن وجد غير ذلك فليتب إلى الله وليستغفره، وليسأله العفو، والعافية، والتوفيق.