قال مالك: " لا يجمع الرجل بين الصلاتين في السفر إلا أن يجد به السير، فإن جد به السير بين الظهر والعصر يؤخر الظهر حتى يكون في آخر وقتها، ثم يصليها، ثم يصلي العصر في أول وقتها، ويؤخر المغرب حتى يكون في آخر وقتها قبل مغيب الشفق، ثم يصليها في آخر وقتها قبل مغيب الشفق، ثم يصلي العشاء في أول وقتها بعد مغيب الشفق. ث م قال: والأمر عندنا في الجمع بين الصلاتين لمن جد به السير " [74] هذا هو رأي مالك في الجمع بين الصلاتين، وأما ما نقله ابن قدامة بأن الجمع بين الصلاتين في السفر في وقت إحداهما جائز في قول أكثر أهل العلم ومنهم مالك [75] فهو مخالف لمذهب المدونة. ولكن يبدو من أقوال الأئمة المالكيين المتأخرين ان الجمع يجوز مطلقاً. ففي حاشية الدسوقي: جواز الجمع مطلقاً سواء جد في السير أم لا، كان جده لإدراك أمر أم لأجل قطع المسافة والذي حكي تشهيره هو الإمام ابن رشد [76] ثم الصورة التي بينها الإمام مالك والأئمة المالكيون أنها جمع صوري، لا جمعاً حقيقياً.
والقيد في حديث ابن عمر وأنس بن مالك لمن جد به السير للغالب وليس شرطاً للجمع لما نرى إطلاق المر في أحاديث الجمع.
وذهب الإمام أبو حنيفة وصاحباه إلى أن الجمع خاص بعرفة ومزدلفة. وهو قول الحسن وابن سيرين، وبه قال ابن مسعود، وسعد بن أبي وقاص.
واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} .
قال ابن عباس أي مفروضاً [77] .
وقال ابن مسعود: إن الصلاة كوقت الحج [78] .
ثم بجميع أحاديث المواقيت مثل أمامة جبرائيل وغيره.
وقالوا: لا يجوز أن نترك ما يثبت بالتواتر في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخر الآحاد.