وقد نصحت الفتيات من هذه الحال في عدة مناسبات، وظهرت في يوك جاكرتا بالذات بعض النتائج التي تدل أن الاستجابة قد تحصل بنسبة طيبة لو طرق هذا الباب بكثرة وربط بحب الله ورسوله وخوف الله والطمع في ثوابه، وهكذا كل حكم من أحكام الإسلام التي أهملها كثير من الناس، بل أكثرهم، وكان المقرر أن ندرك صلاة العشاء في مسجد أو معهد، وأن يؤم المصلين الشيخ عبد القوي في صلاة التراويح، ولكنا تأخرنا فوصلنا وهم في آخر صلاة التراويح، وبعد أن أتم الإمام الصلاة أخذ يرفع الذكر بلا إله إلا الله بصوت مرتفع، والناس يتابعونه كلهم، وصدى أصواتهم يتردد في تلك الجبال والكون ينصب لما ينطق به حاله في كل وقت من الأوقات.
والذكر الجماعي بصوت مرتفع كرهه بعض العلماء؛ لعدم وروده بهذه الهيئة عن الرسول صلى لله عليه وسلم وأصحابه، ورأى آخرون أنه يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا"، قيل: وما رياض الجنة؟ قال: "مجالس الذكر"، والذي يظهر لي أن كون المساجد مجلس ذكر لا يدل على الذكر الجماعي بهذه الصفة، وإنما يشمل الذكر في الجملة وحلقات العلم وما أشبه ذلك بدون التزام هيئة معينة.
ولكني أرى أنه لا ينبغي إثارة هذه الأمور بين قوم يجهلون أصول دينهم في العقيدة والعبادة والشريعة، وأنه يجب أن يهتم الداعية أولاً بغرس الإيمان في نفوس الناس، وأركان الإسلام وصفات العبادات؛ لأن الدخول في هذه الجزئيات التي لو صح أن بعضها بدعة لكانت بدعة إضافية يمكن أن يهتم بها بعد تهيئة النفوس بالتسليم لله ورسوله، والاحتكام إلى كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهؤلاء الناس عندما نناقشهم في هذه الأمور قبل ربطهم ربطا كاملا بالمعنى السابق ينفرون، وقد ينقسمون على أنفسهم؛ فيكون في ذلك ما فيه من الفرقة والخلاف اللذين لا يرضاهما الله ورسوله.