4- في كتاب السنة الأولى أيضاً نماذج من خطب الإمام علي بينها واحد لم يُرَدْ به إلى الخير , وأعني به الخطبة الشقشقية , فهي فضلاً عن كونها موضع نظر عند المحققين , من حيث نسبتها إلى أمير المؤمنين , لا تخرج عن كونها إثارة خفية لفتنة نائمة. وأمام المؤلفين متسع في كلام الإمام , يجدون عنده الفضل والفائدة , فما بالهم يعرضون عن ((القاصعة)) مثلاً وهي خير كلها ونموذج أعلى من البلاغة , ليأخذوا (الشقشقية) وليس لها من أثر نافع! .. لعمري إن القوم لكأولئك الذين يجدون في القرآن الكريم المحكم والمتشابه , فيعرضون عن المحكم ويأخذون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة …

5- وأخيراً فإن هناك ألواناً من روائع الأدب العربي لا يجوز للمناهج الثانوي أن يهملها , وأعني بها أدب الصعاليك سواء في الجاهلية أو الإسلام.. ففي شعر عروة بن الورد, وسليك والشنفرى , ثم مالك بن الريب واضرابهم صور من أدب البطولة , لا غنى عن روحه لهذا الجيل المائع من شباب اليوم. إن هذا الأدب حرية العربي وسخاءه وشجاعته, وفيه عزة المؤمن وشرفه وكرامته , وفيه أخيراً الثورة النبيلة بالظلم والفقر والهوان , فمن حق المناهج المدرسي أن يحفل بأدب هؤلاء الفرسان الأعزة , وأن يحسن تحليل نفسياتهم التي كانت نموذجاً للطاقة العربية التي وجدت مجالها الصحيح في قيادة الإسلام فجعل منها القوة البناءة في حياة العرب والإنسانية , ولعل من الخير كل الخير لو استبدل هؤلاء الصعاليك الأباة بأصحاب النقائض السفهاء!

السنة الثانية:

لعل مناهج هذا الفصل أقل مآخذ من سابقه , ذلك لأن منهاج الأول لا يعدو أن يكون مقدمة تأسيسه لهذا , فعليه يقوم الكثير من عمل التوجيه الأدبي , ولذلك سأقصر ملاحظاتي على ثلاثة من أدباء هذا الفصل كنموذج تحسن مراعاته في كل تعديل قد يطرأ على نصوص غيرهم من أدباء المناهج..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015