وأقلعت بنا الطائرة في الساعة العاشرة والدقيقة الأربعين وأخذت أنظر إلى منازل جاكرتا من الجو وهي تقع في داخل غابات وأحجامها صغيرة وهي في أشكالها شبيهة بالعرش التي تبنى في الجزيرة من الخشب والقشاش إلا أن منازل الأندونيسيين تبنى بالحديد والإسمنت والآجر (مسلح) وإن كانت منازلهم في الأرياف تبنى بنفس الشكل ولكن من الخشب والقصب القوي والأرض كلها خضراء إلا أنها أقل من ماليزيا وسنغافورة وهبطت بنا الطائرة مطار يوك جاكرتا في الساعة الحادية عشرة والدقيقة الثلاثين. وكان بعض الأساتذة والطلاب في انتظارنا وعندما دخلنا قاعة القادمين رأينا صوراً مجسمة مصنوعة من الخشب وهي ترمز إلى ما قبل الإسلام وهذه المناظر يراها المسافر أمامه في كل مكان، والقصد منها ربط الأندونيسيين بالعصور الجاهلية كالحال في بعض الشعوب العربية التي يحاول زعماؤها ربط أهلها بالجاهلية القديمة كالفرعونية والأشورية والكلدانية وغيرها.
وكان الإخوة قد حجزوا لنا غرفتين في فندف (سريمانجانتي) وهو يتكون من طابقين ومسنم مثل المنازل السكنية ويغلب عليه الطابع المحلي في أثاثه. وفي قاعة الاستقبال صورة منحوتة من الحجارة: رجل عليه عمة وبيديه مضربا دف وأمامه الدف قال لنا الإخوة هذه صورة السيد الشهيد أول من دخل هذه المنطقة ودعا إلى الإسلام عام (1300 م) وكانوا يحكون ذلك بعاطفة تدل على حبهم للرجل.
قالوا وكان أول ما جمع الأندونيسيين بالضرب على الدف وعندما اجتمعوا دعاهم إلى الإسلام.
قلت للإخوة الصور المجسمة محرمة باتفاق العلماء، ولا سيما صور الصالحين وما عبد قوم نوح الأوثان إلا عن طريق الصور وكثير من مساجدهم القديمة إذا جاء وقت الأذان بدأوا بضرب الدف ثم يؤذن المؤذن. وطبيعة الأندونيسيين طبيعة طرب والذي يريد أن يدعوهم إلى الله ينبغي أن تكون عنده بعض النكات المباحة يدغدغهم بها عندما يخاطبهم وهذا ما يجري عليه علماؤهم معهم.