أما الأدب العربي الحديث ونقده فأمرهما أدهى وأمرّ. فقد توزع معظمها أمشاجاً تقلد مدارس الأدب الغربي، وتدخل إلى مفهوماتنا الأدبية ومقاييسنا أشياء غريبة عنا ومجافية لأصولنا وأذواقنا، وطبيعي - هذا شأنهما- أن يسقط كل ارتباط بين العقيدة والأدب بل وبين القيم الخلقية في أدنى صورها والأدب.
وأما التيار الأصيل الذي سلم من التعبية وحافظ على قدر من الضوابط الخلقية، أو ارتبط بالعقيدة وصدر عنها فقد حورب بوسائل شتى، أهونها الإهمال والتعتيم والتجاهل.. لذلك ليس من الغريب أن يقل بين نقادنا ودارسينا من يقتنع بأن للإسلام علاقة حميمة بالأدب، وأنه بحكم شموله لظواهر الحياة كلها ينبغي أن يأخذ دوره في تمحيص الأدب في بيئتنا، وليس غريباً أن نجد في أدبنا الحديث تياراً أدبياً كاملا- يعضده تيار نقدي كبير- يشتغل بالتجديف وشتم الحضارة الإسلامية وعقيدتها، وبإثارة الغرائز الجنسية وجعلها قضية القصيدة أو القصة أو المسرحية ... كل هذا باسم الرفض والتمرد والتجديد والعصرية.... الخ ...
وطبيعي أن تقف كلية اللغة العربية في الجامعة الإسلامية موقفا "عقيديا" من الأدب ونقده، وأن يكون موقفها نابعاً من طبيعتها وأهدافها وظروف تكوينها، فتهتم بإبراز التيار الأخلاقي والعقيدي في الأدب العربي القديم وتشارك في دعم التيار الإسلامي في الأدب العربي الحديث، وتقف معه في مواجهة تيارات الإلحاد والفساد، وتعمل جاهدة على تحقيق وئام أكبر بين الإسلام والأدب، وقد بدا موقفها واضحاً في المناهج وفي النصوص المختارة وفي تحليلها وتقييمها، ومن ثم في البحث الجاد عن صيغة أقوى للارتباط بين الأدب والإسلام.