وفي موضوعات الإسلام سعة كبيرة جداً للفنان المسلم، يتحدث عن الجمال، يتحدث عن العدل، يتحدث عن النظافة النفسية، عن الإنسان وتفاعلاته مع هذا الكون حين يكون ملتزماً بمنهج الله. وحين يكون عاصياً لمنهج الله. موضوعات كثيرة جداً يمكن أن تدخل في حيز الأدب الإسلامي والفن الإسلامي.
أما طريقة التعبير. كيف تكون. هذه تجربة. وكل تجربة جديدة. لاحظنا في تاريخ الأدب: أن كل تجربة نفسية جديدة أحدثت في الأدب لوناً جديداً من التعبير هو بذات اللغة. لكنه يأخذ صيغة جديدة.
ما صورة التعبير الإسلامي؟
لن أجيب عن هذا السؤال لأنني بعدت عن ساحة الأدب، ولكني أطرحه، كان المفروض أن يستحدث المسلمون في إطار اللغة العربية صوراً جديدة من التعبير تتناسب مع التجربة الإسلامية الجديدة، ولا يعودوا لعهد الشعر الجاهلي ولا يعودوا إلى الصورة الجاهلية، لأنهم انتقلوا من حياة إلى حياة. ومن جو نفسي إلى جو نفسي آخر.
ولست أزعم من هذا الكلام أن الإنتاج الإسلامي لم يكن إسلامياً أبداً. لا. أنا بعيد كل البعد عن هذا الزعم ففي إنتاج المسلمين كثير من المعاني الإسلامية التي أخذت الثروة الإسلامية كاملة أو أخذت المضمون الإسلامي كاملاً. ولكني أقول: إن نسبتها إلى حجم الإنتاج الذي كتبه المسلمون ما تزال أقل مما يجب. وما يزال المسلمون في حاجة إلى تجربة تعبيرية جديدة يبلورون فيها المفاهيم الإسلامية في صورة إسلامية كاملة.
إننا حين نقول أدب إسلامي أو فن إسلامي يرد إلى الخاطر أنه مجموعة من المواعظ أو تعبير مباشر عن المعاني الإسلامية. وأحب أن أقول إن الموعظة قد تكون فناً. ولكن هذا نادر لأنها تعبير مباشر يقصد بها العبرة. والفن لا يحب التعبير المباشر إنما يحب التعبير من خلال الخلجات النفسية من خلال الذهن. لا من خلال المعاني المجردة ولا المعاني المدورة في صورة حكم أو في صورة مواعظ.