أقصد بهذا أن التجربة الإسلامية- في الأدب- لم تكن قد أخذت نضجها الذي ينبغي أن تأخذه. وركن الأدباء إلى صور التعبير الجاهلية ووضعوا عليها عنواناً إسلامياً في كثير من الأحيان.
ونحن اليوم إزاء تجربة جديدة. والتجربة الجديدة قد نشأت من أن المجتمع الإسلامي كله قد ابتعد بعداً شديداً من الإسلام ثم عاد إليه مرة أخرى في حركة الصحوة التي يمارسها المسلمون اليوم وهذه التجربة الجديدة هي التي نريد أن تعبر عنها بالصورة الإسلامية. وليس من الضروري أن نتقيد فيها بما جرى خلال الأربعة عشر قرناً السابقة من محاولات تعبيرية قد لا تكون وافية بالغرض إنا نريد إن استطعنا- تجربة جديدة كاملة نستمدها من الإسلام مباشرة، لا من التراث الذي يحمل اسم الإسلام إنما من حياتنا الواقعة من تجربتنا نحن، من معاناتنا، من تفاعلنا مع المعاني الإسلامية في أزمتنا الحاضرة. وليست الأزمة هي التي تؤدي إلى التعبير، فإن الوجود ذاته هو الذي يؤدي إلى التعبير. الوجود الإسلامي في نفوسنا هو الذي يؤدي إلى أن نعبر تعبيرا إسلاميا. ولكن الأزمات دائما حافز قوي من حوافز التعبير ونحن اليوم نعيش أزمة ونعيش أزمة داخل مجتمعاتنا، ونعيش أزمة في التفاعل أزمة في التفاعل مع العالم المعادي للدين. والمعادي للإسلام بصفة خاصة، يضغط على مفاهيمنا بحضارته وبأفكاره وبتعبيراته وبفنونه فلا يجعل الرؤية واضحة بالنسبة للأديب المسلم، كيف يعبر، وعن أي شيء يعبر، هل يقلد ذلك الأديب الغربي أم أنه يجب أن يختط طريقاً خاصة له؟.
وما الطريق الخاص، من أين تحدد معالمه؟ لابد لنا في كل أمر عظيم أن نعود إلى الكتاب والسنة، فهذا هو أصل حياتنا الإسلامية، وهذا هو الذي يرسم لنا منهج الحياة. لكن في الفن بصورة خاصة (والأدب لون منه) كيف يكون الرجوع إلى الكتاب والسنة؟ كيف نستفيد منه؟ هل نستوحيها في الموضوعات؟ أم نستوحيها في الروح العامة، أم نستوحيها في المفاهيم؟