لما أكرم الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالرسالة كان يغشى الناس في أنديتهم في أيام المواسم وغيرها وفي أسواقها ويتلو عليهم القرآن ويدعوهم إلى الله ويصبر على ما يناله من الأذى من قريش ومن يتبعه ينال منهم أشد العذاب كبلال وآل عمار وغيرهم كانوا يذيقونهم ألوان العذاب. وقد أمر الله بالجهاد في آي كنيرة من كتابه العزيز كما في قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وقوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} فالجهاد وإن كان مكروهاً للنفوس لما فيه من التعرض للقتل فقد رتب الله عليه من الأجر مالا يخطر على بال ولا على قلب بشر قال عكرمة: إنهم كرهوه ثم أحبوه وقد تظاهرت آيات الكتاب العزيز والسنة النبوية على الترغيب في الجهاد والحرص عليه قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} فجعل سبحانه هاهنا الجنة ثمناً لنفوس المؤمنين وأموالهم بحيث إذا بذلوها فيه استحقوا الثمن، وعقد معهم هذا العقد وأكده بأنواع من التأكيد وأخبرهم سبحانه وتعالى بصيغة الخبر المؤكد بأداة إن والإخبار بذلك بصيغة الماضي الذي قد وقع وثبت واستقر. وأضاف هذا العقد إلى نفسه سبحانه وأخبر أنه هو الذي اشترى هذا البيع، وأنه وعدا بتسليم هذا الثمن وعداً لا يخلفه ولا يتركه إنه أتى بصيغة عليّ التي للوجوب إعلاما لعباده بأن ذلك حق عليه أحقه هو على نفسه وأكد ذلك بكونه حقاً عليه وأخبر عن محل هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015