والآن هيا بنا نرسل الطرف في قطر كان يعد أجهل أقطار الأرض في أظلم عصور التاريخ قبل أربعة عشرة قرناً، أهاليه أميون، والعلم والحكمة فيه شيء معدوم، والتمدن والحضارة أمر لا يعرفه أحد، وعدد المتعلمين فيه ربما لا يزيد على واحد في عشرة آلاف. وأما أهاليه فعشاق للخمر متهالكون عليها متفانون فيها، في لغتهم نحو مائتين ونصف مائة علم (اسم) لهذا الشراب وحده مما لا نظير له في أية لغة أخرى. يبدو كأنهم رضعوها مع لبان أمهاتهم وكانوا يعتبرونها لازمة لزوم الماء لحياتهم.

فإذا كانت الحالة السائدة في شبه الجزيرة العربية قبيل ظهور الإسلام. وما إن يبزغ نور الرسالة حتى تبدأ الشريعة الإسلامية بتحريم الخمر تدريجيا. حتى حرمت الخمر البتة في مدة قليلة فقال الصحابة "انتهينا يا رب! "وقال أنس رضي الله عنه: حرمت، ولم يكن للعرب يومئذ عيش أعجب منها، وما حرم عليهم شيء أشد من الخمر.

قال: فأخرجنا الحباب إلى الطريق فصببنا ما فيها. فمنا من كسر حبه ومنا من غسله بالماء والطين. ولقد غودرت أزقة المدينة بعد ذلك حيناً، كلما أمطرت استبان فيها لون الخمر وفاحت ريحها.

والذي تدل عليه هذه المقارنة بين تحريم الخمر في أمريكا وتحريمها عند العرب، هو أن نجاح أي مشروع إصلاحي إنما يتوقف على مدى قوة الإيمان، فالإيمان بالله والآخرة ينبت منه العمل الصالح والتقوى والإحسان والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.

ولا يمكن للإنسان أن يتخلص من العادات السيئة إلا بالتربية الإسلامية والأخذ بمنهاج السنة على صاحبها الصلاة والسلام.

أما الطرق الحديثة لمعالجة شرب الخمر فهي أمور إضافية كما رأيناها آنفاً.

خطة العلاج:

وعلاجاً لهذه العادة الخبيثة المدمرة، ومقاومة لتعاطي المسكرات والمخدرات، أقترح لأربع خطوات، اثنتين منها لحكومات الدول الإسلامية واثنتين للأفراد المدمنين: _

طور بواسطة نورين ميديا © 2015