وذهب آخرون ومنهم ابن تيمية وابن حجر الهيثمي وابن حزم إلى أن العقوبة في المخدرات هي حد السكر وقياسها على المسكرات لوجود تغطية العقل في كل منهما قال ابن تيمية:"وأما قليل الحشيشة المسكرة فحرام عند جماهير العلماء كسائر القليل من المسكرات، وقول النبي صلى الله عليه وسلم كل مسكر خمر وكل خمر حرام يتناول ما يسكر ولا فرق بين أن يكون المسكر مأكولاً أو مشروباً أو جامداً أو مائعاً فلو اصطبغ كالخمر كان حراماً، ولو أماع الحشيشة وشربها كان حراماً ونبينا صلى الله عليه وسلم بعث بجوامع الكلم فإذا قال كلمة جامعة كانت عامة في كل ما يدخل في لفظها ومعناها سواء كانت الأعيان موجودة في زمانه أو مكانه أو لم تكن [81] .
وقال: وكل ما يغيب العقل فإنه حرام وإن لم تحصل به نشوة ولا طرب، فإن تغييب العقل حرام بإجماع المسلمين، وأما تعاطي البنج الذي لم يسكر ولم يغيب العقل ففيه التعزير.. ثم قال: ومن الناس من يقول: إنها أي الحشيشة تغير العقل فلا تسكر كالبنج وليس كذلك، بل تورث نشوة ولذة وطرباً كالخمر، وهذا هو الداعي إلى تناولها، وقليلها يدعو إلى كثيرها كالشراب المسكر والمعتاد لها يصعب عليه فطامه عنها أكثر من الخمر، فضررها من بعض الوجوه أعظم من الخمر، ولهذا قال الفقهاء إنه يجب فيها الحد كما يجب في الخمر [82] .
وقد سبق أن رأيت أن ابن حجر الهيثمي يؤكد حرمتها وينقل ذلك عن الذهبي وغيره [83] .
وبعد: فهذه خلاصة عن عقوبة متعاطي المسكرات والمخدرات، والعقوبات في الإسلام مع أنها جوابر وكفارات لأهلها من آثامهم هي زواجر أيضا، تزجر الآخرين، وتمنعهم من التردي في حمأة الرذيلة، أو العبث بحدود الله ومحارمه، ولذلك كانت بركتها على المجتمع الذي يقيمها كثيرة وفيرة، وفي الحديث"حد يعمل به في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا أربعين صباحاً [84] .. وفي رواية أربعين ليلة..
والله الهادي إلى سواء السبيل