دورُ الأدبِ
في مكافحة الخمر بين الجاهليّة والإسلام
للشيخ محمود محمد سالم
المحاضر بكلية اللغة العربية بالجامعة
ابتليت الأمم قديمها وحديثها في الشرق والغرب بآفة الخمر يحرك بها الشيطان في نفوس البشر نوازع الشر، ودوافع الفساد، ليضلهم عن ذكر الله، وعن الصلاة، ويوقع بينهم بسببها العداوة والبغضاء، ذلك أنها تغتال العقل الإنساني الذي فضل الله به الإنسان على سائر مخلوقاته، فتسلبه الحكمة والرشاد، وتحرمه القدرة على التدبر والتفكير، ثم ما تلبث بعد اغتيال العقل والفضل أن تفتك بقوة الجسم والنفس، فتترك شاربها مسلوب الإرادة، مشلول القدرة، سقطاً لا نفع فيه. ويصبح مذموماً مدحوراً، تكرهه الأرض كما تلعنه السماء.
- وقد شاع شرب الخمر في جاهلية العرب، واقترن بها في حياتهم كثير من الرذائل مثل استباحة النساء، ولعب الميسر أو القمار، مما فرض على مُقارفي هذه الرذائل حرصهم على جمع المال. لا يبالون من أين أتاهم من حرام أو حلال، فانتشر بينهم الربا والبغاء واستحلال الدماء والأموال من نهب الغارات، وما يجري فيها من انتهاك الأعراض والحرمات، وأقتات وأثْرى على ذيوع هذه الرذائل بعض الطبقات الطفيلية في ذلك المجتمع الجاهلي، فانتشرت الحانات، وصاحبات الرايات الحمر اللواتي يوفرن اللذائذ الرخيصة، والمتع التافهة لأولئك المخمورين التافهين الذين لا وزن لهم ولا قيمة في مجال القوة والفضائل.
أدب الإسلام في حرب هذه الرذائل: