ثم يقول أبو حامد: "إن البصيرة الباطنة هي عين النفس التي هي اللطيفة المدركة. وهي كالفارس والبدن كالفرس، وعمى الفارس أضر على الفارس من عمى الفرس" [27] .أما عبارة الراغب فهي: "وقد تقدم أن البدن بمنزلة فرس والنفس بمنزلة راكبه، وضرر عمى الراكب نفسه أشد عليه من عمى فرسه" [28] . يبدوا أنه من المرجح أن التأثر والتأثير واضح هنا.
وقد وقعدت على مثال ثالث صريح نقله أبو حامد، على الأغلب، من كتاب الذريعة للراغب إلى مصنفه الكبير إحياء علوم الدين" [29] . وزاد أن نقل فقرات أربعا في هذا الباب إلى ذلك المصنف من ذلك المرجع.
وإن أبا حامد ليتصرف في نقله، كما رأينا، فيضيف أو يختصر، ولكنه يضل مع هذا تأثرا واضحا يسوغ ما قيل من استحسانه لهذا الكتاب واستصحابه له.
وإنني مع شعوري أن العلاقة الفكرية بين الغزالي والراغب الأصفهاني لم تزل بحاجة إلى المزيد من البحث والاستقصاء [30] . إلا أنني أشعر أن الراغب لا يقل إن لم يفق سائر المفكرين الذين أرخوا للفكر الإسلامي وللفرق الإسلامية من أمثال الشهرستاني وابن حزم وأبي الحسن الأشعري والفخر الرازي [31] . يبدو ذلك في مخطوطته ((رسالة في الاعتقاد)) أعان الله على تحقيقها، ومخطوطة ((تحقيق البيان في تأويل القرآن)) .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] راجع بروكلمان 1/269 والإعلام 2/279 ومعجم المؤلفين 4/59.
[2] بغية الوعاة 396 وكشف الظنون 1/530.
[3] فلم يترجم له معجم الأدباء ووفيات الأعيان وسير أعلام النبلاء وتاريخ بغداد مثلا.
[4] مثل أبحاث أحمد أمين وزكي مبارك وآدم ميتز وكتب تاريخ الأدب العربي.
[5] رقم 3654 بمكتبة أسعد أفندي بالسليمانية /استنبول.
[6] رقم 5697 بمكتبة العتبات المقدسة الرضوية: بمشهد (كتاب خانة استانه قدسي رضوى) .