لقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتجارة خديجة وهو في الخامسة والعشرين من سنيه، وكان رفيقه في هذه الرحلة ميسرة غلامها، ولابد أنها استغرقت طويلا من الزمن، وبذلك أتيح لمسيرة وهو العاقل الفهم –كما يلوح من خلال الرواية- أن يشهد من خلائق محمد وسمو تصرفاته أثنائذ ما يدفعه إلى الحديث عنهما لكل من يتصل به وبخاصة مولاته خديجة، التي لابد أنها أصغت إلى روايته تلك بإعجاب الكريم الفاضل يسمع أنباء إنسان بلغ القمة في عالم الفضائل، حتى ليدفعها ذلك الإعجاب إلى التفكير في الاقتران به. وسواء توسلت إلى هذه الأمنية الغالية بعرض أمرها عليه مباشرة –كرواية ابن إسحاق [9]- أو بوساطة المرأة الحكيمة نفيسة بنت علية [10] أو عن طريق أخت لخديجة في إحدى الروايات، فقد أتم الله ذلك القران السعيد الذي عم ببركته لا بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فحسب بل العالم الإسلامي بأجمعه حتى تقوم الساعة.

وإلى هنا والخبر طبيعي ومعقول، ولكن التوقف إنما يتأتى عند بقيته، حيث نرى خديجة رضي الله عنها مشغولة الذهن بموضوع الغمامة والملائكة وخبر النبوة، حتى لا تتمالك أن تقصد إلى ذلك الرجل الحكيم العليم ورقة بن نوفل لتتعرف تأويل تلك الظواهر، فتسمع منه البشرى بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم فيكون ذلك باعثها الفعال على طلب الزواج منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015