يقول الأستاذ د. علي عبد الواحد وافي: "ظهر الإسلام في عصر كان نظام الرق فيه دعامة ترتكز عليهما جميع نواحي الحياة الاقتصادية، وتعتمد عليها جميع فروع الإنتاج في مختلف أمم العالم، فلم يكن من الإصلاح الاجتماعي في شيء أن يحاول مُشرّع تحريمه تحريما باتا لأول وهلة؛ لأن محاولة كهذه كان من شأنها أن تعرض أوامر المشرع للمخالفة والامتهان, وإذا أتيح لهذا المشروع من وسائل القوة والقهر ما يكفل به إرغام العالم على تنفيذ ما أمر به فإنه بذلك يعرض الحياة الاجتماعية والاقتصادية لهزة عنيفة، ويؤدي تشريعه إلى أضرار بالغة لا تقل في سوء مغبتها عما تتعرض له حياتنا في العصر الحاضر إذا الغي بشكل مفاجىء نظام البنوك أو الشركات المساهمة فيكون ضررها أكثر بكثير من نفعها" [9] .
ولقد استخدم الإسلام في بعض الأحيان طريق التدرج في تحريم الخمر، وقد كان العرب من أكثر الناس تناولا لها، فلو حرمت مرة واحدة لأدى ذلك إلا تفكك المجتمع وتمسك البعض بها. فبين الشارع الحكيم ضررها أولا ولم يحرمها في بادئ الأمر ثم حرمها عند إرادة الصلاة {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} (النساء الآية 43) .
وفي المرتين امتنع بعض الناس عن تناولها ثم بعد ذلك حرمها مطلقا.
{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (المائدة الآية 90) .
ثم يقول الأستاذ د. عبد الواحد وافي: "وبذلك كفل الإسلام القضاء على الرق في صورة سليمة هادئة وأتاح للعالم فترة للانتقال يتخلص فيها شيئا فشيئا من هذا النظام" [10] .
أثر الرق في الإسلام: