وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: "جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله علمني عملا يدخلني الجنة فقال صلى الله عليه وسلم: اعتق النسمة، وفك الرقبة فقال: أو ليسا واحدا؟ قال صلى الله عليه وسلم: لا، عتق النسمة أن تنفرد بعتقها، وفك الرقبة: أن تعين على فكاكها".
ولعل ما عبر عنه القرآن الكريم في سورة البلد فيه خير كثير، فقد منّ الله على عباده بالنعم التي أنعم بها عليهم فقال سبحانه وتعالى: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ. وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ. وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} ثم قال بعد ذلك جل وعلا: {فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ. فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ. أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} (البلد الآيات 11- 16) .
ولقد ضرب لنا الصحابة المثل الأعلى في معاملة أرقائهم، فساووهم بأنفسهم بل أحيانا كان يفضل الواحد منهم عبده على نفسه.
فقد روي أن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "إني لأستحي أن أستعبد إنسانا يقول ربي الله".
ومما روي عن علي أنه أعطى غلاما دراهم ليشتري بها ثوبين متفاوتي القيمة، فلما أحضرهما أعطاه أَرقهما نسيجا وأغلاهما قيمة وحفظ لنفسه الآخر وقال له: "أنت أحق مني بأجودهما لأنك شاب وتميل نفسك للتجمل أما أنا فقد كبرت".
ولقد عني الإسلام بنفسية الأسير والرقيق عناية خاصة فقال سبحانه وتعالى يطيب خاطرهم ويفتح باب الأمل في المغفرة وحسن الجزاء {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (الأنفال الآية 70) .