الأمر: يكون بمعنى الطلب وجمعه أوامر، وصيغته افعل, ويكون بمعنى الشأن والحال، وهو المقصود في هذه الآية.
الخِيرَة: مصدر بمعنى الاختيار. وهو بكسر الخاء وفتح الياء على وزن طِيرة وفعل الأول تخير والثاني تطير وزنتهما هذه غريبة ولا نظير لها في المصادر ويقال بشذوذ الخِيْرة والطِيرة بسكون الياء فيهما مع كسر الأول منهما.
المعصية: مخالفة الأمر أو النهي مع القدرة على عدم المخالفة, وتكون المعصيّة كفراً وتكون دون ذلك, وأخوف آية في القرآن في باب المعصيّة قوله تعالى من سورة الجن: {وَمَنْ يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً} إذ حكمت على العصاة بالنار والخلود الأبدي فيها وهذا لا يكون إلا مع الكفر والعياذ بالله تعالى.
الضّلال: مجانبة الطريق الموصل إلى القصد, وتنكبه والبعد عنه بقصد أو بغير قصد، وكل عاص لله ورسوله فى أحكامهما فهو ضال، لأن المعصيّة توجب له الشقاء والخسران، وهو يريد الربح والسعادة، فلما عصى سلك للربح والسعادة غير طريقهما فهو لذلك ضال.
معنى الآية الكريمة: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ ... } .
أي ليس من شأن المؤمن ولا مما يتأتى له أو يصح منه بحال: أن يحكم الله تعالى في شيء أو يأمر به أمر إيجاب, وكذا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره المقتضي للوجوب, ويكون المؤمن مختاراً معه إن شاء نفّذ الحكم وإن شاء تركه، إن شاء امتثل الأمر وإن شاء أهمله، فمثل هذا الاختيار مع حكم الله ورسوله وقضائهما لا يجامع الإيمان ولا يخالطه أبداً فمتى كان الاختيار ذهب الإيمان، ومتى انتفى الاختيار ثبت الإيمان وهذا الذي فهمه عبد الله بن جحش وأخته زينب رضي الله عنهما حين نزلت الآية ومن ثَم عدلاَ عن رأيهما واختيارهما وقبلا حكم الله تعالى ورسوله ونفذاه فوراً وقال عبد الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم: مرني بما شئت.