فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب لمولاه زيدا ووقع اختياره على ابنة عمته: زينب بنت جحش رضي الله عنها فخطبها, فظنت أنها مخطوبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهشت لذلك وأسرت فرحها, غير أنه بعد قليل تبينت أنها مخطوبة على زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهنا آثرت لشرفها وكرامتها على خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم: وقالت: مثل هذا لا يكون: شريفة تتزوج مولى من موالى العرب ماذا يقول الناس إذا سمعوا؟؟ ووقف إلى جنبها أخوها القائد البطل عبد الله بن جحش وأعلنا التأبي الكامل والامتناع التام- وإذا أراد الله أمراً لا بد أن يكون، فأنزل الله تعالى آيتنا هذه التي نعتزم شرحها: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ ... } الخ
وفهم عبد الله وأخته رضي الله عنهما أنهما مقصودان بالذات، وأن الآية وضعت حداً بين الكفر والإيمان ولم يبق لهما مجال للاختيار، إذ هو الكفر أو الإيمان فقط، وآثرا الإيمان على الكفر وأسلما أمرهما لله، ونفذا حكم الله وحكم رسوله فيهما وتزوجت زينب زيد بن حارثة وهى طائعة مختارة, وضحت بالكرامة الاجتماعية والصرف القبلي.
وتزوج زيد ولم يطق الحياة مع امرأة ليس هو كفؤاً لها في شرف النسب, والمكانة الاجتماعية إذ زيد مولى وزينب شريفة قرشية, فما كان منه إ لا أن طلقها بعد أن بذل رسوله الله صلى الله عليه وسلم جهداً فى حمله على الصبر معها والإبقاء على رابطة الزوجية بينهما ولم يفلح في ذلك؛ لأن قدر الله كان مقدوراً, وفي هذا المعنى يقول الله تعال: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ الله} , وطلقها زيد وزوجها الله تعالى رسوله، فأصبحت بعد ذلك أم المؤمنين رضي الله عنها.