ذكر الله تبارك وتعالى أبرزها حين قال سبحانه {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجّ} وإن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها الذين أكرمهم الله بأن وفقهم لأداء هذه الفريضة ليشعرون بالغبطة والسرور حينما يجدون أنفسهم في حشد بشري هائل، تتوفرله كل سبل الراحة والأمن والاطمئنان، ولذلك وجب عليهم شكر الله تبارك وتعالى على هذه النعمة التي لا تعدلها نعمة، فإن الأمن في عصرنا الحاضر يكاد يكون مفقوداً في أرقى دول العالم التي استطاعت أن تبتكر من الوسائل التي تحاول بها التخلص من الجريمة وتثبيت الأمن ما لم يتوفر لمجتمع على مر التاريخ البشري، ومع ذلك عجزت عن تحقيق مفهوم الأمن فيه مجتمعاتها، فقد استشرت الجريمة وانتشر الفساد ودخل الرعب إلى كل قلب، ناهيك عن الدول التي تفتقر لمثل هذه الوسائل فلم تحصل منها إلا على ما مكنتها منه مواردها وطاقاتها المحدودة، فإنها لم تستطع ولن تستطيع أن توفر لمجتمعاتها ما تبحث عنه من أمن وراحة بال، وما ذلك إلا لأن هذه وتلك إنما تعتمد على ما شرعته لها قوانينها البشرية القاصرة.
أما المجتمع الإسلامي الذي تعتبر المملكة العربية السعودية أسمىمثل له في عصرنا الحاضر، فإنه- بفضل الله- قد تحقق له من الأمن ما عجز الآخرون عن تحقيقه رغم وفرة الوسائل العلمية الحديثة وكثرة التشريعات. وسبب هذا الأمن الوارف المكين ما اعتمدته حكومة هذه البلاد منذ أول أيامها على يد جلالة الملك عبد العزيز- رحمه الله- مؤسس الدولة السعودية الحديثة من إلزام نفسها بتطبيق شريعة الله، والسير على هداها، والذود عن حياضها، فكان ثمرة ذلك العز والنصر والتمكين، فلا أمن يعدل أَمنها الذي ينعم به شعبها في هذا العصر الهائج المائج المضطرب، كما أن كل وافد إلى هذه البلاد ينعم بهذا الأمن ويجد فيه ضالته التي طالما نشدها.