ثم بين تعالى أن جَمْعَ الخلائق جميعا في ذلك اليوم من الأمور اليسيرة على القدرة الإلهية فما هي إلا صيحة واحدة توجه إليهم، فإذا هم في اللحظة محضرون عند خالقهم {إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُون} كما قال تعالى {وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} (القمر آية 50) . في ذلك اليوم يقام ميزان العدل بين العباد فلا تظلم نفس شيئا، وإنما تجازي على عملها الذي أسلفته في حياتها الدنيا، {فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} هذا مسلك القرآن في إثبات البعث، وسنتبعه بآراء العلماء في ذلك لا للمقارنة، وإنما ليتبين للقارئ سهولة أسلوب القرآن الكريم في مخاطبته البشرية على اختلاف مستوياتهم، لقول القائل: فبضدها تتبين الأشياء.

آراء العلماء في البعث

سأتناول هذا الموضوع بالدراسة من ناحيتين:

الأولى: ذكر آراء العلماء في حقيقة البعث، هل هو جسماني فقط، أو روحاني فقط، أو روحاني وجسماني.

الثانية: بيان كيفية البعث (الإعادة) عند من يقول بإعادة الأجسام.

أولا: آراء العلماء في حقيقة البعث:

بعد أن عرضنا مسلك القرآن الكريم في إثبات البعث، وهو المقصود من هذا البحث، فقد رأينا من المناسب أن نذكر أقوال العلماء في هذا الموضوع باختصار، لنرى مدى موافقة هذه الأقوال، أو مخالفتها لما جاء في القرآن الكريم في موضع البعث، فأقول وبالله التوفيق: إن الأقوال الواردة في البعث، والمذكورة في كتب العقائد الإسلامية خمسة أقوال:

الأول: ثبوت المعاد الروحاني فقط.

الثاني: ثبوت المعاد الروحاني والجسماني.

الثالث: ثبوت المعاد الجسماني فقط.

الرابع: عدم ثبوت شيء من ذلك.

الخامس: التوقف في هذه الأقسام جميعا [17]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015