لقد شهدوا جزءًا من سنة الله ولم يدركوا بقية السنة ولم يدركوا الحكمة لقد وجدوا أوربا الكافرة ممكنة في الأرض.. نعم.. ولكن ذلك لا يخالف سنن الله، وحاشا لشيء يقع في الأرض أو في الكون كله أن يكون مخالفاً لسنن الله.. لقد نسي أولئك الذين فتنوا بأوربا.. بل لم يتدبروا أصلاً قرآنهم الذي بين أيديهم: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (محمد/24) .
يقول الله موضحاً ومبيناً ما يقع في أوربا اليوم وما وقع في أمم سلفت من الجاهليات القديمة.. يقول سبحانه وتعالى: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} (الأنعام/44) . نعم: هذه هي السنة الربانية، نسيت أوربا ما ذكرت به، نسيت إلهها نسيت الآخرة، وانحصرت في الحياة الدنيا، وعلى مستوى من أحط المستويات من الحرص على الحياة الدنيا ومتاعها الرخيص. فماذا فعل الله بهم؟.. فتح عليهم أبواب كل شيء.. أبواب القوة السياسية.. أبواب العلم.. أبواب التكنولوجيا أبواب القوة الحربية.. أبواب القوة الاقتصادية.. كل أبواب القوة.. انظر إلى العبارة " {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} .
نعم. هذا جزء من السنة الربانية.. ولكن المتدبر لكتاب الله يعرف النهاية المحتومة لهؤلاء القوم: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ} (الأنعام/44) .
لقد بدأت السنة تتحقق، بدأ هذا الكيان الشامخ المخيف يتزلزل. القوة المادية ما تزال في أيديهم.. نعم.. ولكن كتابهم ومفكريهم وفلسفاتهم هم الذين يقولون إن هذه الحضارة آيلة إلى السقوط.. آخذة في الانحدار لخلوها مما يسمونه هم "القيم الروحية"، ومما يسميه الله سبحانه وتعالى "لا إله إلا الله محمد رسول الله".