ومشيئة الله الغالية، الله الذي أنزل هذا الدين ليبقى إلى يوم القيامة وليظهره على الدين كله، وحفظ كتابه: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر/9) ، حفظ سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، حيث لم تحفظ سيرة ولا سنة لنبي من قبل إلا ما حفظه القرآن من سير الأنبياء السابقين، هذا الدين الذي أنزله الله ليبقى لن يمحى من الأرض بإذن الله، فيقيِّض الله له بقدر منه جنوداً يحمونه، ولابد من هؤلاء الجنود، يقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} (الأنفال/62) .
ولقد كان يكفي لعقولنا نحن أن يقول الله سبحانه وتعالى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ} فماذا بعد نصر الله؟!! ولكن الله يلفتنا إلى سنة من سننه: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} ، لابد أن يكون هناك مؤمنون في الأرض يكونون جنوداً، يكونون ستاراً لقدر الله، يُجري الله قدره، ولكن من خلال هذا الستار البشري جنود مؤمنون، يعيشون "لا إله إلا الله محمد رسول الله"يعيشونها واقعاً حياً، يسلكون بها سلوكهم الواقعي، فينصر الله بهم هذا الدين.
إن الواقع الذي عشناه في نهاية القرن الرابع عشر، ودخلنا به مستهل القرن الخامس عشر هو هذا الواقع الذي وصفته لكم.
الصليبية والصهيونية جاثمتان على أرض الإسلام، تمتهنان كل كرامة في الأرض الإسلامية، يسلبون المسلمين أرضهم وديارهم وأموالهم، ينتهكون أعراضهم، ينتهكون قلوبهم وأرواحهم بالغزو الفكري، يضعون في تلك القلوب أفكاراً غير إسلامية وسلوكاً غير إسلامي، واتجاهات غير إسلامية، وفي ذات الوقت بعث إسلامي جديد يملأ قلوب حفنة من الشباب، قليلون هم: نعم بالنسبة لتعداد المسلمين، ولكنهم هم الأمل، هم البشير الذي نستبشر به بالنسبة للقرن الخامس عشر وما يتلوه إن شاء الله من القرون.