تطَلُعَات إلى المستقبل في مُسْتَهَل القَرْنِ الهجْرِي الْجَدِيدُ
لفضيلة الأستاذ محمد قطب
في مستهل هذا القرن الهجري الجديد.. استبشر كثير من المسلمين وهي ظاهرة طيبة، نرجو أن يحقق الله من ورائها الخير الكثير، ولكن الاستبشار وحده لا يكفي إذا كان مجرد أماني خاوية، يقول سبحانه وتعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} (النساء/123) .
فالأماني الفارغة لا تغير شيئاً من الواقع، ولا تحدث ما نرجوه من الخير، إنما يحدث هذا التمني أثره الطيب بإذن الله حين يكون استبشاراً مبنياً على عمل، استبشاراً له رصيد من الواقع، إننا نريد أن نتدارس معاً أمر هذا الاستبشار بالقرن الهجري الجديد، هل هو مجرد أماني؟ أم أنه استبشار له رصيد من الواقع؟ وما ذلك الرصيد؟ على وجه التحديد؟ ما حجمه؟ ما الذي ينبئ به؟ ما الذي نرجوه من وراءه؟
أقول بادئ ذي بدء: إن الله لا يغير أحوال البشر بأرقام السنين، ولا بأرقام القرون، فكوننا دخلنا في قرن تاريخي جديد، ليس معناه بالضرورة أن يغير الله لنا، إنما علمنا الله سبحانه وتعالى طريق التغيير، قال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد/11) .
فطريق التغيير إذن: الطريق الذي يغير الله على أساسه واقع الناس هو أن يغيروا ما بأنفسهم، والتغيير بحالتيه من سيئ إلى حسن، أو من حسن إلى سيئ لا يحدث في حياة الناس إلا إذا غيروا ما بأنفسهم: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (الأنفال/53) .