في كف النبي صلى الله عليه وسلم وفي يد أصحابه، ولو فتح باب المجاز والعدول عن الظاهر في تفاصيل المقالة [149] لاتسع الخرق، وضل كثير من الخلق عن الحق، وليس هذا كالظواهر الواردة في الإلهيات مما لم يجوز العقل اعتقاد ظاهرها [150] ، فإن العدول فيها عن ظاهر الكلام بضرورة الانقياد إلى أدلة العقل المرشدة إلى الحق!! فاشدد يدك بما فصل في هذا الفصل مما أرشدتك به إلى منهج القرب والوصل، والله الموفق"اه.

تعليق وجيز:

هذه العبارات الأخيرة تمثل ما تركه المعتزلة من قواعد في تفكير الأشاعرة.

كيفية دعاء النار للكافرين:

ومما له عُلقة بما سبق من سؤال النار وجوابها، ما ورد في وصفها من قول الحق جل ذكره: {تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلى وَجَمَعَ فَأَوْعَى} (17، 18: المعارج) .

وفي معنى (تدعو) كانت للمفسرين هذه التأويلات:

1- الدعاء على ظاهره، بمعنى القول والنداء، فتقول: إليَّ يا مشرك، إليَّ يا منافق، أو بتعبير ابن كثير [151] : "تدعو النار إليها أبناءها الذين خلقهم الله لها وكانوا في الدار الدنيا يعملون عملها؛ فتدعوهم يوم القيامة بلسان طلق ذلق ... ".

وهذا الرأي في تفسير الدعاء ذكره أكثر المفسرين حتى أولئك الذين ينهجون منهج القول بالتمثيل والتخييل، كالزمخشري [152] مثلا؛ فقد كان هذا الرأي من بين الآراء التي ذكرها، أما القرطبي [153] فقد قال عنه: "إنه هو الحقيقة التي تدعمها آي القرآن وصحيح الأخبار، ودعاء (لظى) يكون بخلق الحياة فيها حين تدعو وخوارق العادة كثيرة".

2- الدعاء بمعنى الإهلاك، تقول العرب: دعاك الله، أي أهلكك الله [154] .

3- الدعاء ليس من جهنم وإنما هو من خزنتها، وأسند إليها من قبيل الإسناد المجازي.

4- الدعاء: هو تمكنها من عذابهم، وقد نقل القرطبي [155] في هذا المعنى عن الخليل قوله: "إنه ليس كالدعاء (تعالوا) ، ولكن دعوتها إياهم تمكنها من عذابهم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015