وأما قول من قال من أهل التفسير أن ذلك من باب إطلاق الكل على البعض لأن القمر في السماء الدنيا والشمس في الرابعة كما يقال رأيت بني تميم وإنما رأيت بعضهم فليس بجيد ولا دليل عليه وليس هناك حجة يعتمد عليها فيما تعلم تدل على أن القمر في السماء الدنيا والشمس في الرابعة وأما قول من قال ذلك من علماء الفلك فليس بحجة يعتمد عليها لأن أقوالهم غالتا مبنية على التخمين والظن لا على قواعد شرعية وأسس قطعية فيجب التنبه لذلك, ويدل على هذا المعنى ما قاله الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره عند قوله سبحانه: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً} الآية.. حيث قال ما نصه: "قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً} أي واحدة فوق واحدة وهل هذا يتلقى من جهة السمع فقط أو هو من الأمور المدركة بالحس مما علم من التسيير والكسوفات, فإن الكواكب السبعة السيارة يكسف بعضها بعضا فأدناها القمر في السماء الدنيا وهو يكسف ما فوقه وعطارد في الثانية والزهرة في الثالثة والشمس في الرابعة والمريخ في الخامسة والمشتري في السادسة وزحل في السابعة وأما بقية الكواكب وهي الثوابت ففي فلك ثامن (فلك الثوابت) والمتشرعون منهم يقولون هو الكرسي والفلك التاسع وهو الأطلس والأثير عندهم الذي حركته على خلاف حركة سائر الأفلاك وذلك أن حركته مبدأ الحركات وهي من المشرق إلى المغرب وسائر الأفلاك عكسه من المشرق إلى المغرب ومعها يدور سائر الكواكب تبعا ولكن للسيارة حركة معاكسة لحركة أفلاكها فإنها تسير من المغرب إلى المشرق وكل يقطع بحسبه فالقمر يقطع فلكه في كل شهر مرة والشمس في كل سنة مرة وزحل في كل ثلاثين سنة مرة وذلك بحسب اتساع أفلاكها وإن كانت حركة الجميع في السرعة متناسبة, هذا ملخص ما يقولون في هذا المقام على اختلاف بينهم في مواضع كثيرة لسنا بصدد بيانها". انتهى