فما رأي شيخ البلاغة العربية في هذا وأمثاله، يقول الشيخ بعد مناقشات طويلة: وعلى الجملة فإنك لا تجد تجنيسا مقبولا ولا سجعا حسنا، حتى يكون المعنى هو الذي طلبه واستدعاه وساق [39] نحوه، وحتى تجده لا تبتغي به بدلا ولا تجد عنه حولا، ومن هاهنا كان أحلى تجنيس تسمعه وأعلاه، وأحقه بالحسن وأولاه ما وقع من غير قصد من المتكلم إلى اجتلابه، وتأهب لطلبه، أو ما هو لحسن ملاءمته - وإن كان مطلوبا - بهذه المنزلة وفي هذه الصورة، وذلك كما يمثلون به أبدا من قول الشافعي رحمه الله تعالى وقد سئل عن النبيذ: "أجمع أهل الحرمين على تحريمه" [40] .
أعتقد أن لكل قارئ الآن الحق أن يحكم بنفسه على ما وقفنا عليه.
والله الموفق وصلى الله على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] وكانت ولادته سنة ست وأربعين وأربعمائة، وتوفي خمس أو ست عشرة وخمسمائة. راجع مقدمة الشريشي في شرح المقامات.
[2] هو أبو الفضل أحمد بن الحسين الهمداني، يقال إنه كان ظريف النثر مليح غرر النظم؛ فقد كانت له عجائب وغرائب، وإنه لم يلف نظيره في عصره في ذكاء القريحة وسرعة الخاطر وصفاء الذهن، وافاه الأجل بعد أربعين سنة من عمره عام 393هـ.
[3] راجع الشريشي ج 1 ص 14- 15.
[4] فراجع في ذلك مقاماته.
[5] الشرة: القلق والانتشار، ومنه أخذ معنى الشر، ومنه شرر النار. اللسن: حدة اللسان. فضول: زوائد. الهذر: إكثار الكلام بغير فائدة. المعرة: العيب والعار. اللكن: احتباس اللسان عند الكلام. الحصر: العي وضيق الصدر.
[6] راجع مسند أبي داود الآداب 35 وأحمد بن حنبل 3/224
[7] الرزداق: الموضع الخارج عن القرية أو المدينة، ويسمى الرستاق ومخلاف وكورة. والرزداق: فارسي.