وليعذرني القارئ في هذه التعليقات فليست هي من آثار العاطفة المجردة، بل إنها واقعة بعد تفكير، وقد عزمت وأنا أكتب هذه المذكرات أن أكون منصفا، فأذكر لأهل الغرب ما لهم وما عليهم، وأقارن بين سلوكهم سلبا كان أو إيجابا وبين سلوكنا، ونحن أمة مسلمة، يجب أن نكون قدوة لغيرنا من الناس؛ {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} .
دخلنا في قاعة مطار طوكيو الكبير الجديد الذي هو محاط بحراسة أمنية شديدة؛ لحمايته من هجمات الجيش الأحمر الذي سبق أن قام بحملة عنيفة عليه؛ فحطم برج المراقبة فيه وقطع خطوط المواصلات السلكية، ولا زال يهدده، ولذلك كثر فيه رجال الأمن المسلحون وكان التفتيش دقيقا، على خلاف ما جرى في دول الغرب، ولكن المفتشين عاملونا معاملة لم يعاملوها أحدا غيرنا ممن رأينا؛ فسألونا: أسعوديون؟ فأجاب الزميل: نعم هذا سعودي، وأنا سوداني، فأشروا على حقائبنا ولم يفتشوها.
لا تفزع فنحن من ذوي الملايين!:
وذهب الزميل يسأل عن المواصلات ويصرف بعض الشيكات السياحية إلى الين الياباني، فقيل له: المسافة بين المطار وطوكيو تزيد عن سبعين ميلا، والأجرة عشرون ألف ين ياباني؛ فرجع إلي فزعا من هذا الرقم الهائل الذي لا قدرة لنا في تحمله، فقلت له: إن الدرهم المغربي قيمته ضئيلة جدا وأرقامه مخيفة، فلعل الين مثله؛ فسل عن القيمة، فرجع ووجد أن الأمر سهل فالدولار الأمريكي على الرغم من هبوطه الشديد يقابله مائة وثمانية وتسعون ينا يابانيا؛ فقلت له: لقد أصبحنا يا أستاذ من ذوي الملايين، والحمد لله.