وكنت بجوار النافذة، وبدأت أطل منها لأرى المحيط الهادي من الجو بعد أن وقفت على جانبه الشرقي في غرب لوس أنجلوس في الأرض، ولكن السحب الكثيرة المتراكمة كانت تغطيه تماما، وهنا تحركت المشاعر فكتبت ما يلي:
حوار مع المحيط الهادي في يوم الأحد الموافق 18 شعبان من عام 1398هـ
أقلعت بنا الطائرة الأمريكية الضخمة ذات الطابقين التي تحمل أكثر من ثلاثمائة راكب من مطار لوس أنجلوس إلى طوكيو، في الساعة العاشرة إلا ربعا صباحا، ومعروف أن المسافة التي تقطعها الطائرة بين لوس أنجلوس واليابان كلها فوق المحيط الهادي، وكنت في اشتياق للتأمل في هذا المحيط الضخم الذي رأيته في الخريطة يأخذ مسافة واسعة من الكرة الأرضية؛ لذلك صممنا أن يكون سفرنا بالنهار، واشترطنا على شركة الخطوط أن نكون بجانب إحدى النوافذ؛ إنها فرصة لزيادة الإيمان بخالق الكون، كانت الطائرة تنهب الجو نهبا فتسابق الزمن؛ لأننا نسير إلى الغرب والشمس لا زالت في أول نهارها، وكلما تقدمنا إلى الغرب كلما كنا مبكرين، وأخذت أنظر إلى المحيط لأرى أمواجه الهادرة وهي تتقلب كصفحات كتاب، وإذا السحاب يغطيه كله؛ فلم أر شيئا منه؛ فقلت في نفسي: نحن قمنا من نومنا في لوس أنجلوس مبكرين، لأننا مسافرون والوقت هاهنا لا زال مبكرا؛ فلعل المحيط لا يزال يغط في نومه، ولذلك بقي مغطى بهذا السحاب المتراكم.
أنا زائر وزيارتي نادرة، ولو علم بزيارتي ومن أين جئت لما تردد في طرد النوم عنه وإبعاد الغطاء عن وجهه، ولعل في الشعر ما يوقظه بطرب وليس بإزعاج فأخذت في مخاطبة السحاب حتى انقشع وكان لي ما أردت:
وغدا السحاب مسجيا لمحيطه
وكأنه في نومه يتقلب
طاب المنام له لطيب إقامة
والقادري مسافر متأهب
لكنه متمتع بجمال ما
يرنو إليه لربه متأوب
يزداد في الكون الفسيح تأملا
ليزيد إيمانا فأنى يتعب؟
يا سحب ما لك تحجبين مزمجرا