وكان حبيب يلح على معاوية بالعمل بسيرة أبي بكر وعمر، روى ابن عساكر عن ابن عجلان قال: لما أتى معاوية موت حبيب بن مسلمة سجد، ولما أتاه موت عمرو بن العاص سجد، فقال له قائل: يا أمير المؤمنين سجدت لوفدين وهما مختلفان، فقال: أما حبيب فكان يأخذني بسنة أبي بكر وعمر، وأما عمرو فيأخذني بالإمرة الإمرة؛ فلا أدري ما أصنع [20] .
كان مجاب الدعوة:
أخرج البيهقي والطبراني عن أبي هريرة أن حبيبا كان مستجاب الدعوة، وكان قد أمر على جيش، فدرب الدروب، فلما لقي العدو قال للناس: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يجتمع ملأ فيدعو بعضهم ويؤمن بعضهم - أو قال: سائرهم - إلا أجابهم الله"، ثم حمد الله وأثنى عليه، ثم قال: اللهم احقن دماءنا، واجعل أجورنا أجور الشهداء [21] .
وفاته:
اختلف في محل وفاته:
فقال البلاذري: إنه لما أمره عثمان بالانصراف إلى الشام نزل حمص فنقله معاوية إلى دمشق، فتوفي فيها سنة 42، وقال ابن عبد البر: إن معاوية وجهه إلى أرمينيا واليا عليها، فتوفي فيها سنة 42، وذكر ذلك ابن سعد وابن عساكر، وأنه مات ولم يبلغ الخمسين كما تقدم [22] ، وفي رواية ابن عساكر أن حبيبا دخل الحمام فأطال المكث فيه فمرض مرضه الذي مات فيه.
وقال أبو زرعة الدمشقي: إن لحبيب ولدا كثيرا عندنا بحوران، ومنزلة بطرف من أطراف حوران، وكان بعضهم يصهر إلي، ورثاه شريح بن الحارث بقوله:
ألا كل من يدعى حبيبا وإن بدت
مروءته يفدي حبيب بني فهر
همام يقود الخيل حتى كأنما
يطأن برضراض الحصا جاحم الجمر
رضي الله عنه وأرضاه وعفا عنه في المجاهدين والقادة الفاتحين.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] أشهر مشاهير الإسلام لرفيق العظم ص828 وتهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر4/35.