بعثه معاوية مع شرحبيل بن السمط ومعن بن يزيد بن الأخنس في سفارة إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، فدخلوا عليه، فبدأ حبيب فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإن عثمان بن عفان كان خليفة مهديا عمل بكتاب الله وثبت لأمر الله، فاستثقلتم حياته، واستبطأتم وفاته، فعدوتم عليه فقتلتموه، فادفع إلينا قتلته إن زعمت أنك لم تقتله، ثم اعتزل أمر الناس ليكون أمرهم شورى بينهم؛ فيولي الناس أمرهم من أجمع عليه رأيهم، فقال له علي: وما أنت لا أم لك، وهذا الأمر وهذا العزل؛ فاسكت فإنك لست هناك، ولا بأهل لذاك، فقال له حبيب: أما والله لتريني حيث تكره، فقال له علي: وما أنت ولو أجلبت بخيلك ورجلك؛ لا أبقى الله عليك إن أبقيت! اذهب!؛ فصعّد وصوّب ما بدا لك، وكان فيما قال لهم علي: لا أقول إن عثمان قتل مظلوما ولا ظالما، فقالوا: نحن نبرأ ممن لم يقل إن عثمان قتل مظلوما، وخرجوا من عنده؛ فتلا قوله تعالى: {إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين، وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون} ، ثم قال لأصحابه: لا يكن هؤلاء أولى بالجد في ضلالتهم منكم بالجد في حقكم وطاعة نبيكم.
ويعقب الحافظ ابن كثير على ذلك بقوله: وهذا عندي لا يصح عن علي رضي الله عنه [15] .
وكان حبيب على ميسرة جيش معاوية يوم صفين، وفي رواية أخرى أنه كان على الميمنة [16] ، وقد بارز حبيب الأشتر فاقتتلا قتالا شديدا ولم يغلب أحد أحدا [17] ، وشهد حبيب التحكيم ثاني عشرة من أهل الشام [18] ، قال أبو عمر بن عبد البر: كان أهل الشام يثنون على حبيب بن مسلمة، قال سعيد بن عبد العزيز: كان حبيب بن مسلمة فاضلا، مجاب الدعوة، ويقال إن معاوية كان قد وجه حبيبا بجيش إلى نصر عثمان بن عفان، فلما بلغ وادي القرى، بلغه أن عثمان قد قتل، فرجع ولم يزل مع معاوية في حروبه [19] .