وذلك أن جولد سميث أصاب مرة شيئاً من الدراهم فأولم في حجرته لخلان له وخلات واستحث الكؤس حادي المزمار ووزنت حركات الرقص بميزان الأوتار وإن القوم لكذلك إذ دخل الأستاذ عليهم مغضباً ولم يكتف بتوجيه أفحش السباب إلى أوليفار حتى انحط عليه فأخذ بتلابيبه أخذة الموت بالكظم فهاجر جولد سميث الجامعة من غده وباع في الطريق كتبه وبعض ثيابه ومكث في العاصمة (دابلن) ينفق الساعات بين الحان والمرقص حتى لم يبق معه إلا شلن فنهض يضرب إلى ناحية كورك (ثغر بحري في أقصى جنوب ايرلندة) يريد أن يرحل منها إلى أميركا وتقوت بالشلن ثلاثة أيام وبعد ذلك جعل يسيح في البلاد والله أعلم كيف كان يعيش وانى يأتيه رزقه وما عندنا بذلك علم إلا ما جعل يتحدث به هنو بعد من أنه ما ذاق طعمه ألذ من حفنة حمص أتته بها جارية صغيرة في جولته هذه قب استيقاظه من هجمة تم بها صوم أربع وعشرين ساعة ثم ثاب إليه رشده ورأى أن يذهب إلى دار أخيه وبعد أن تقابلا وأقاما معاً برهة من الزمن رجعا إلى الجامعة وعقد الصلح مع الأستاذ وأعيد أوليفار إلى مركزه من الجامعة ولكن الأمر رجع إلى ما كان وعليه تتابعت الإنذارات والمغارم من قبل الجامعة على الفتى حتى بلغ مدى الدراسة وأعطي الإجازة النهائية وكان آخر الناجحين والعجب العجاب أنه مع اسوداد صحيفته بمالا يحصى من السوءات والأثام استطاع أن ينال الإجازة.

وبعد ترك الجامعة أمضى عامين عالة على أكتاف أقاربه وكان معظم مقامه بدار أمه وكان بجوارها حان فكان يباشر السرور والطرب به كل ليلة بين تغني الأغاني وقص الحكايات والنوادر على نخبة من أبناء الريف كانوا يلتفون به وتارة كنت تراه ضيفاً لأخته وزوجها في ليسوى يقضي الوقت بين اصطياد السمك والوحش والجلوس مع الفلاحين. وطوراً يذهب إلى دار أخيه القسيس بقرية بالاسمور فيعاون أخاه شيئاً في تعليم تلاميذه ولعل اضطراب أمر جولد سميث وركوبه ذلك العيش المثرد كان نكبة على أهله وكانوا يرجون أنه متى نال الإجازة التفع ببرد القسوسية. ولكن خاب هذا الرجاء وكان في خيبته ماسر جولد سميث فأضمر الفرح وزعم نفر أن سبب الخيبة هو ما كان بلغ الأسقف (لقب لأحد رؤساء الكنيسة) عن سوء سيرة الفتي وقال قوم إنما غضب الأسقف عندما دخل عليه جولد سميث فرأى عليه كمين أحمرين في لون الجلنار وفي هذا من الغلو في الزينة وترك الزهد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015