وانزويت في سريرى مرجعاً رخياً وإنى لأشهد أنني ما شربت يوماً أسوغ من قدح الماء الذى آتوني به في تلك الساعة ووعكتني الحمى وشرقت بالدمع عيناى.

والله ما حزنني أن صاحبتى خلاء من حبي ولا أخذ بنفسي أنها لم تعد بعد تصبو إلىّ بل لهفتي أنها خدعتنى.

غام على قلبى فلم أفهم بأية سنة تكذب امرأة في الحب رجلاً وتخادعه نازعة إلي حب سواه وما يغريها واجب ولا يدفعها إلى كذبة في الهوى مال.

لقد سألت (ديزينيه) عشرين مرة في اليوم كيف جاز الكذب في أهل الحب كنت أقول لو كنت زوجها بل لو كنت أنقدها مالا لأدركت أنها خدعتني. لماذا تكتمني الصدق إن انصرف فؤادها عن غرامي، بل لم تخدعني؟.

ما كنت أدري يومئذ أن الكذب في أهل الهوى عرف، لأني كنت غلاماً حدثاً وأقسم أنني حتي اليوم لم أزدد بكذبات الغرام فهماً وكنت كلما علق القلب بهوى امرأة أصدقها حبي بل ما خرجت من هوى إلا معلناً هجري لأني كنت أحسب أن العاشقين لا يستطيعون لإراداتهم قياداً وأن ليس في الوجود جريمة أشد نكراً من الكذب وكان ديزينيه يقول لى إنها امرأة شقية مطروفة العين إلا عدنى أنك لن تراها آخر الدهر.

فأقسمت له مغلط الأقسام ونصح لى أن لا أكتب إليها أو أعتبها وأن لا أجيبها إن أرسلت تراجعني فانتصحت وأنا أعجب كيف يسألنى ذلك وكيف يكون بى ظنيناً.

فلما اندمل الجرح وأبللت كان أول شئ فعلت أنني أفضت إلى دارها مسرعاً ألفيتها وحيدة قد انتبذت زاوية في مخدعها مضطربة الحال ساهمة المحيا.

فأوسعتها مر اللوم وقد مالت شمول الحزن بأعطافي وجعلت أصيح والدار تدوى بصيحاتي واستهلت شؤوني وفاضت أدمعى حتى أفخمنى البكاء فتراميت فوق سريرها لأجعل لماء عينى مسلكاً وطفقت أقول باكياً:

آهة لى، يا كاذبة، آهة لى يا شقية، إنك لتعلمين أن نفسى لتفيض من غدرك كمداً فهل ترضيك منيتى وهل تجدين برد السرور في موتى، ماذا صنعت بك؟.

فألقت بنفسها بين ذراعي وتشبثت بنحرى وقالت لى أنها فتنت ونزغت لها من الغواية نازغة فاقتادوها تلك الليلة وإن خصمي كان فى العشاء منزوفاً ما يبت وأنها ما كانت يوماً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015