عشاق العبقرية الشعرية. لم يتردد في أن يكسوأعطافه شمائل بيرونية وإذا صادف من السيدات من يطمحن إلى مشابهة نموذجات الحسن (اسبازيا) و (كورين) و (أندين) أجابهن إلى ذلك على الفور فلقى في الصورة من خزانة خياله مقدارا وافرا من الملاحات مم لا بأس فيه ولا ضير منه ويغتفر من أجله ما قد يقترفه من إفساد الشبه.
وكذلك أصبح شارتكوف مصور (الطبقات العليا) منغمسا في حومة النعيم والترف. يحضر الولائم والمآدب ويتأنق في اللباس وينادي علنا بأن المصور لا تنبغي له حياة العزلة والخلوة بل يجب عليه أن يخالط الطبقة الأرسطوقراطية احتفاظا بكرامة حرفته فليس له أن يحط من شأن الصناعة بالحط من شأن نفسه كأن يظهر أمام الناس في الهيئة البذة والثياب الرثة أويكون خشن الجانب وعر الناحية فضا غليظ الطبع.
هذا ولقد حف منزله بمظاهر الأبهة والفخامة فاتخذ الغلمان والحجاب واتخذ تلاميذ من أبناء علية القوم وجعل يغير ثيابه ويبدل زيه عشر مرات في اليوم ويكوي ضفائره ويلوي غدائره ويجمل شخصه بكل صنوف الحلي والزينة ليعجب النساء ويبهرهن. وخلاصة القول أنه قد أصبح من المستحيل على كل إنسان أن يتبين فيه ذلك المصور المتواضع الخشوع الذي كان يعمل ويكد خاملا مغمورا في حجرته الحقيرة بشارع (أوستروف).
والآن أصبح ينتقد الفن وأهله ويصدر أحكامه عليهم فكان يصرح أن الأساتذة الأقدمين كانت حظوظهم أكثر من أقداركم. وأنهم نالوا من الشهرة فوق قيمتهم وأخطارهم. وأن رفائيل نفسه لم يجد التلوين في جميع صوره. وأن تصاويره لم تنل شهرتها العظيمة إلا من طريق النقل والرواية وأن ميخائيل أنجلوكان نفاجا فخورا إذ كان خلوا من الرقة والحلاوة. وأن من أراد البهجة والرونق ودقة الشكل والتلوين فليطلبها في تصاوير العصريين أهل الجبل الحاضر. وفي هذا أشارة وتلميح بالبداهة إلى نفسه. وكان يقول أيضاً في موضوع السرعة - التي أصبح هومن طليعة المبرزين فيها - ما أكثر عجبي من المصور الذي يكد نفسه ويجهدها ويحملها في التصوير عنتا ونصبا وينفق الجم الكثير من مجهوده وزمنه.
مثل هذا وربك لا يكون إلا دعيا ضعيفا. عاجزا متخلفة سخيفا. وما هومن الفن في شيء ولا أراه قد أوتي أدنى شيء من العبقرية. وأين هوـ لادردره من العبقرية. تلك والله حليفة السرعة قرينة الجرأة والعجلة. العبقرية تتدفق تدفقا وتندفع اندفاعا. هاك صورة من صنعي